جَميلِ خَلقٍ عَلى حَقٍّ جَزيلِ نَدىً
هَدى وَفاضَ نَدى كَفَّيهِ كالدِّيَمِ
كَفَّ العُداةَ وَكَدَّ الحادِثاتِ كَفى
فَكَم جَرى مِن جَدا كَفَّيهِ مِن نِعَمِ
وَكَم حَبا وَعَلى المُستَضعَفينَ حَنا
وَكَم صَفا وَضَفا جوداً لِجَبرِهِمِ
ما فاهَ في فَضحِهِ مَن فاءَ لَيسَ سِوى
عَذلٍ بِعَدلٍ وَنُصحٍ غَيرِ مُتَّهَمِ
حانٍ عَلى كُلِّ جانٍ حابٍ إن قَصَدوا
حامٍ شَفى مِن شَقا جَهلٍ وَمِن عَدَمِ
لَيثُ الشَّرى إِذ سَرى مَولاهُ صارَ لَهُ
جاراً فَجازَ وَنَيلاً مِنهُ لَم يَرُمِ
كافي الأَرامِلِ وَالأَيتامِ كافِلُهُم
وافي النَدى لِمُوافي ذَلِكَ الحَرَمِ
أَجارَ مِن كُلِّ مَن قَد جارَ حِينَ أَتى
حَتّى أَتاحَ لَنا عِزّاً فَلَم نُضَمِ
وفيها يقول:
فَلُذ بِبَرٍّ رَحيمٍ بالبَريَّةِ إِن
عَقَّتكَ شِدَّةُ دَهرٍ عاقَ واِعتَصِمِ
يُروى حَديثُ النَّدى وَالبِشر عَن يَدِهِ
وَوَجهُهُ بَينَ مُنهَلٍّ وَمُبتَسِمِ
تَبكي ظُباهُ دَماً وَالسَّيفُ مُبتَسِمٌ
يَخُطُّ كالنونِ بَينَ اللامِ وَاللِّمَمِ
دَمعٌ بِلا مُقَلٍ ضِحكٌ بِغَيرِ فَمٍ
كَتبٌ بِغَيرِ يَدٍ خَطٌّ بِلا قَلَمِ
جاوِرهُ يَمنَع وَلُذ يَشفَع وَسَلهُ يَهَب
وَعُد يَعُد واِستَزِد يَفعَل وَدُم يَدُمِ
لَم يَخشَ قِرناً وَيَخشى القِرنُ صَولَتَهُ
فَهوَ المَنيعُ المُبيحُ الأُسدَ لِلرَّخَمِ
وَالشَّمسُ رُدَّت وَبَدرُ الأُفقِ شُقَّ لَهُ
والنَّجمُ أَينَعَ مِنهُ كُلُّ مُنحَطِمِ
سَقاهُمُ الغَيثُ ماءً إِذ سَقى ذَهَباً
فَغَيرُ كَفَّيهِ إِن أَمحَلتَ لا تَشِمِ
قَد أَفصَحَ الضَّبُّ تَصديقاً لِبعثَتِهِ
إِفصاحَ قُسٍّ وَسَمعُ القَومِ لَم يَهِمِ
الهاشِمُ الأُسدَ هَشمَ الزّادِ تَبذُلُهُ
بَنانُ هاشِمٍ الوَهّاب لِلطُّعمِ
كَأَنَّما الشَّمسُ تَحتَ الغَيمِ غُرَّتُهُ
في النَّقعِ حَيثُ وجوهُ الأُسدِ كالحُمَمِ