قلت: لا يهمنا اسمها، وإنما تهمنا
قيمتها، وقد قال ذلك البخيل الذي ذكره الجاحظ:( أعطني المال، وسمني بأي اسم شئت )
قال: فأنت الآن في الطريق الصحيح، إن
قيمتها عظيمة، فهي تحمل بشرى وعزاء من الله رب كل شيء ومليكه لقلوب الفقراء، فتمسح
عن أعينهم الهوان الذي يرميهم الناس به.. إنها تبشر من تناولها بأن الناس وإن
أبعدوه، فإنه ليس بعيدا عن الله، وإن كانوا قد رموه، فإن لطف الله يحتضنه.
قلت: ولكني لا أرى الناس يبعدون
الفقير، ولا أراهم يطردونه.
قال: قد لا يطردونه، ولكنهم
يحرمونه.
قلت: من فتات موائدهم.
فقال: لا من فتات موائدهم فحسب، بل
من موائد الله.
قلت: أريد شواهد على ذلك، فأنت تعلم
أني لا أقبل إلا بشاهد عدل من العقل أو النقل.
قال: إن شواهد هذه الجوهرة هي
أشعتها، كما أن شاهد الشمس هو ضياؤها، فخذ هذه الأشعة، فكل شعاع منها يكشف ظلمة، وينير
طريقا.
الشعاع الأول:
قلت: فما الشعاع الأول؟
قال: ألم تسمع الحق تعالى، وهو يقول:{ وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ
يَدْعُونَ