قال: لأنه يحيلك صفحة بيضاء، يمكن
أن يكتب فيها كل شيء، أو يحيلك مرآة صافية تحمل الحقائق ولا تشوهها.
نظرت فجأة فإذا بي أمام باب قصر
منيف، كل ما فيه لطيف وشريف، لست أدري هل كان مرفوعا في الفضاء بأعمدة لا ترى، أم
كان موضوعا على زجاج صاف كالهواء كأنه:{ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِير}(النمل: 44)،
فصحت: يا لله، ما أحلى هذا القصر، لمن هذا القصر؟
قال: لأغنياء الروح.. هنا يخبأ كنز
الاستغناء.
قلت: فهل يمكن الدخول إليه؟
قال: أجل، ولكن بشرطه، فالبواب يمنع
من لم يتحقق بشرطه.
قلت: وما شرطه؟
قال: أن تكون فقيرا.
قلت: أنا متوسط الحال، لست فقيرا، ولست
غنيا.
قال: ليس هناك إلا الفقراء
والأغنياء.
قلت: ولكنك قلت، بأنه قصر الأغنياء،
فكيف لا يدخل فيه إلا الفقراء؟
فقال: من افتقر إلى الله أغناه، ومن
نزل على الله آواه، ومن مد يده لله أعطاه، ومن مد يده إلى غيره قلاه.