قلت: ولهذا يعاتب الله تعالى من آثر
الحياة الدنيا على الآخرة، ويبين له مبلغ الغبن الذي وقع فيه، قال تعالى:{ بَلْ تُؤْثِرُونَ
الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} (الأعلى:17)
قال: ذلك أن الإنسان يحب الخير
ودوام الخير، ولذلك أخبره تعالى بأن هذين الوصفين لا يتحققان بكمالهما إلا في
الدار الآخرة.
قلت: أجل، وقد ورد ذلك في مواضع من
القرآن الكريم، قال تعالى:{ وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا
بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ
وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى}(طـه:131)
قال: هذه الآية تحض الأمة عن طريق
رسولها بالزهد حتى لا يغرهم المتاع الموجود عن المتاع المدخر.
قال: وفيها ترغيب أعظم، فالله تعالى
يصف ما في الدنيا من الزخارف بكونه مجرد متاع للحياة الدنيا، وهي الحياة البسيطة
الحقيرة، ثم يختم ذلك بالدعوة للتأمل والتفكر، فمن الغبن أن يباع الغالي بالرخيص،
والزهيد بالنفيس.