عنا من جشائك، إن أطول
الناس جوعاً يوم القيامة أكثرهم شبعاً في الدنيا )[1]
قلت: فلنعد لما ورد في
الآية[2]من ضوابط التعامل مع نعم الله، فقد ذكرنا الأكل
والإسراف، فما محل الإنفاق في هذا المحل ،ولماذا ربط بالإسراف؟
قال: لأن المسرف في الأكل
والشرب وتناول الشهوات لن يبقى له من المال ما ينفق منه، أو يبقى له ما يدخره
لنفسه التي لا تشبع.. أو هو في انشغاله بملأ الفراغ الذي يعاني منه لا يفكر في
الإخراج بل يفكر في الإدخال، ولا يفكر في الإطعام، بل يفكر في الاستطعام.
قلت: ألهذا قال a:( طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام
الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية )[3]
قال: ولكن هذا لا يكون إلا
لمن مرن نفسه، فلم يدع الفراغ النفسي يؤثر فيه، ولا للشهوات أن تتحكم في سلوكه..
ارجع لقومك، وادعهم إلى الاشتغال بالله، وبأمر الله، فسيملؤون كل فراغ، فإن الشره
يهرب إلى الطعام ليهرب من الحقيقة، ولو أنه امتلأ بها لكفته.
ألا ترى أنك في انشغالك
بفرح أو حزن لا تكاد تستقر اللقمة في فمك حتى تنهض عن طعامك غير عابئ بلذته.