اسم الکتاب : إيران ثورة وانتصار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 76
من
الأسس المهمة التي قامت عليها الثورة الإسلامية الإيرانية عدم استبداد قادته
بالأمر، مثلما فعلت الكثير من الثورات بعد الانتصار، أو قبله؛ فالإمام الخميني والخامنئي
ـ ومن خلال قيادتهما للثورة الإسلامية ـ يعتبران نفسيهما مجرد خادمين للشعب؛ فلذلك
يوضحان بتفصيل شديد كل قضية يريدان طرحها على الشعب، ولا يكتفيان بذلك، بل يسمعان
لما يقترحه، وينـزلان أحيانا كثيرة عند رغبته.
ولهذا
نرى الخطب والبيانات والحوارات الكثيرة لهما، بخلاف غيرهما من القادة، ولهذا
نستغرب من الذين يحاولون فهم الثورة الإسلامية الإيرانية بعيدا عن قادتها مع العلم
أنهم أولى بمن يتحدث عنها.
وهذا
البعد هو الذي أشار إليه قوله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ
لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا
عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾
[آل عمران: 159]؛ فالآية الكريمة تخبر أن سر نجاح رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم في تأليف قلوب أصحابه، هو رحمته بهم، ومشورته لهم على الرغم من
استغنائه عن تلك المشورة.
ولهذا
نرى الإمام الخميني كل حين يدعو الشعب إلى اعتبار نفسه المسؤول الأول في البلاد،
وقد قال في خطاب الانتصار الذي أشرنا إليه في مقدمة الفصل: (لا تنتظروا من الحكومة
أن تعمِّر كل شيء، الحكومة لوحدها غير قادرة على ذلك، لا تنتظروا من رجال الدين أن
يعمروا الخراب، رجال الدين لوحدهم لا يستطيعون البناء، يجب أن يساعد الواحد منا
الآخر، من الفلاح والعامل والصانع والعالِم، رجل الدين والجامعي، حتى الموظف
والعسكري)[1]