اسم الکتاب : إيران ثورة وانتصار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 183
وقد
أشار إلى كلا النوعين من الاستبداد قوله تعالى في الإخبار عن جرائم فرعون: ﴿إِنَّ
فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ
طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ
كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص: 4]؛ فالآية الكريمة تشير إلى ممارسات
المستبدين في كل الأزمنة، والتي لا تشمل الجوانب المادية فقط، وإنما تشمل الجوانب
المعنوية أيضا، بالتفريق بين الناس، وإشاعة المنكرات بينهم.
وبناء
على هذا، سنحاول في هذا المطلب ذكر بعض أحاديث قادة الثورة الإسلامية في ذلك،
لنبين من خلالها أمرين:
أولهما:
مدى عدالة تلك المطالب وشرعيتها، وذلك ما يعطي للثورة مصداقية كبيرة.
ثانيهما:
مدى إدراك قادة الثورة الإسلامية للواقع الذي يعيشه الناس، ومشاركتهم فيه،
واستثمارهم له.
1 ـ المضار المادية للاستبداد:
ونتيجة
لوضوحها وأهميتها وارتباطها بحياة الناس، نرى قادة الثورة الإسلامية يهتمون بعرضها
كل حين، وربما تكون بداية الثورة قد انطلقت منها، وذلك عندما أعلن الشاه ما يسمى
بالثورة البيضاء (9/1/1963م)، والتي استطاع علماء الدين أن يكتشفوا ما ينجر عنها
من مخاطر تمس الاقتصاد الإيراني، كما تمس بنيته الاجتماعية، وتجعله تابعا للغرب.
وقد
فعلوا ذلك على الرغم من أنها تبدو للوهلة الأولى حلولا ناجعة للأوضاع الاقتصادية
المتردية في البلاد، لكن تلك النظرة السطحية تتجاهل عمق الفساد المرتبط بالمؤسسات
التي كلفت بإدارة تلك الثورة، والتي يمكن أن تحول منها وسيلة للابتزاز والنهب
والسرقة والتغريب.
وقد
كان موقف علماء الدين حازما من تلك الثورة لمعرفتهم بما سيؤول إليه تطبيقها، وقد
ذكر المؤرخون أن آية الله روح الله كمال وند ـ وهو من علماء خرم آباد ـ التقى
بالشاه
اسم الکتاب : إيران ثورة وانتصار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 183