اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 73
تقدم ابن ماهان
نحو الري لقتال طاهر بن الحسين دون أن يستعد له استعدادا كافيا وذلك لأنه كان
يستهين بشأن طاهر لحداثته، وانتهت المعركة بانتصار جيش طاهر بن الحسين ومقتل علي
بن عيسى بن ماهان سنة 195 هـ، حينها أرسل الأمين جيوشا أخرى عديدة إلى الري، ولكن
مصيرها كان الهزيمة إلى الدرجة التي استنفذت هذه الجيوش موارد الأمين فلم يستطع
تحريك جيوشا أخرى [1].
وهنا تحولت
الحرب من مداخل خراسان إلى مداخل العراق، حيث تقدم الجيش الخراساني نحو بغداد، واتفق
طاهر بن الحسين وهرثمة بن أعين على أن يقوم الأول بمهاجمة بغداد من الغرب بينما
يهاجمها الثاني من ناحية الشرق، وتقدم الجيشان حتى بلغا أرباض بغداد حيث حدثت
معارك مختلفة بين قوات الأمين وقوات المأمون ولم يكن جيش الأمين قويا كما لم يكن
قواده في حالة معنوية عالية، فقد استمالت قوات المأمون بعض قادة جيش الأمين
بالهدايا والهبات فانضموا اليه واحدا بعد الاخر.
غير أن الذين
قاوموا هذا الحصار هم أهل بغداد وبالأخص [جماعة العيارين] أو الفتيان وهي مجموعة من
الناس كان أغلبهم من أبناء الأسر الفقيرة، وقد دافع العيارون عن بغداد (ببسالة
نادرة وضربوا أمثلة رائعة في الصمود والشجاعة، وعلى الرغم من مقاومة هذه المجموعة،
فقد استطاعت جيوش المأمون أن تضرب حصارا على حول بغداد، فاشتد الجوع بالأهالي
لدرجة أن الأمين صرف كل ما لديه من أموال على جنوده واضطر إلى طلب الأمان والتسليم)[2]
و(فضل الأمين أن
يسلم نفسه للقائد هرثمة لكبر سنه من جهة ولقسوة طاهر بن الحسين من جهة أخرى، وخرج
الأمين وأتباعه عابرين نهر دجلة في سفينة صغيرة لم تلبث