اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 70
لا تستعجلوا في
الحكم علي قبل أن تسمعوا القصة، وتعوها، فقد تجدون أنفسكم وبلاد المسلمين ضحايا
تلك الأسرة المشؤومة التي شربت هوى السلطة، فراحت تضحي بكل شيء في سبيلها، وبسببها
تمزقت بلاد المسلمين، ودخل الصليبيون، ثم دخل الاستعمار، ثم صرنا إلى ما صرنا
إليه.
وقبل أن أذكر
لكم بعض مشاهد الدماء المسفوكة في عهد هارون، أضرب لكم هذا المثال حتى تستوعبوا
مقدار الجرائم التي تسبب فيها.
تصوروا لو أن
حاكما أتيح له أن تتوحد الدول الإسلامية جميعا تحت سلطته، وكان في إمكانه أن يجعل
من المسلمين قوة عظمى، ممتلئة بالعلم والحضارة، وتؤسس لمستقبل صالح للبشرية جميعا
في ظل القيم القرآنية العظيمة.. لكنه لم يفعل ذلك، لسبب بسيط، وهو أن له ولدين من
زوجتين مختلفتين، ولم يرد أن يؤذيهما؛ فراح يقسم الدولة الإسلامية بين كلا
الولدين، لأحدهما مشرق الأرض، وللآخر مغربها.
ثم ما لبثت نزوة
السلطة أن ركبت كلا الولدين، حيث طلب كل واحد منهما من أخيه أن يتنازل له عن نصيبه
حتى تصبح الأرض كلها بين يديه.. وطبعا كلاهما ربي على حب السلطة، وغذي بلبانها،
فلذلك لم تسمح له بذلك.
وبعد أخذ ورد لم
يجد الطرفان سوى أن يحضرا كل ما لديهما من جند، ويقوما بتجنيد إجباري للرعية،
ويشكلا من خلال ذلك كله جيوشا قوية، ليحارب بعضهما بعضا.. ويتفرج حينها الفرنجة
وغيرهم على الأسرة المتصارعة، ويفرحون كثيرا، ويقومون بكل التحضيرات التي توفر لهم
القدرة على اختراق العالم الإسلامي وحربه.
ولم تكن الحرب
الدائرة بين أعضاء الأسرة المشؤومة يوما أو يومين.. بل استمرت خمس سنوات كاملة..
حصد فيها الكثير من الضحايا.. وقتل فيها الكثير من الأبرياء.
بربكم.. من يمكن
اعتباره المتسبب في هذا الخراب والدمار وسفك الدماء؟.. أليس
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 70