اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 68
إذا رأوا دعوة
علوية قضوا عليها وهي في مهدها، ويقتلون في ذلك على الشبهة لا على الجزم واليقين،
إذ يرون أن قتل بريء يستقيم به الأمر لهم، أولى من ترك مُتَّهمٍ يَجوز أن يُفسد
الأمنَ عليهم.. وجاء والي نجران العباسيين من هذه الناحية، واتهم الشافعي بأنه مع
العلوية، فأرسل إلى الخليفة هارون الرشيد: (إن تسعة من العلوية تحرَّكوا)، ثم قال
في كتابه: (إني أخاف أن يخرجوا، وإن ها هنا رجلاً من ولد شافع المطلبي لا أمر لي
معه ولا نهي)، وقيل أنه قال في الشافعي: (يعمل بلسانه ما لا يقدر عليه المقاتل
بسيفه)، فأرسل الرشيد أن يَحضرَ أولئك النفرُ التسعةُ من العلوية ومعهم الشافعي.
ويقال أنه قتل التسعة، ونجا الشافعي؛ بقوة حجته، وشهادة القاضي محمد بن الحسن
الشيباني، أما قوة حجته فكانت بقوله للرشيد وقد وجه إليه التهمةَ بين النطع
والسيف: (يا أمير المؤمنين، ما تقول في رجلين أحدهما يراني أخاه، والآخر يراني
عبده، أيهما أحب إلي؟)، قال: (الذي يراك أخاه)، قال: (فذاك أنت يا أمير المؤمنين،
إنكم ولد العباس، وهم ولد علي، ونحن بنو المطلب، فأنتم ولد العباس تروننا إخوتكم،
وهم يروننا عبيدهم، وأما شهادة محمد بن الحسن الشيباني فذلك لأن الشافعي استأنس لما
رآه في مجلس الرشيد عند الاتهام، فذكر بعد أن ساق ما ساق أن له حظاً من العلم
والفقه، وأن القاضي محمداً بن الحسن يعرف ذلك، فسأل الرشيدُ محمداً، فقال: (له من
العلم حظٌ كبير، وليس الذي رُفع عليه من شأنه)، قال: (فخذه إليك حتى انظرَ في أمره)،
وبهذا نجا)[1]
وقد عبر الشافعي
عن هذه التهمة التي اتهم بها في تلك الأبيات المشهورة عنه، والتي رواها الربيع بن
سليمان عنه في قوله: (خرجنا مع الشافعي من مكة نريد منى فلم ننزل واديا ولم نصعد
شعبا إلا وهو يقول
[1]
الشافعي، محمد أبو زهرة، ار الفكر العربي – القاهرة، ص22.
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 68