اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 64
حكم إجرامي
واستبدادي، ولا يصح حينها السكوت عن هذه الجريمة حتى لو تعلقت بقتل مسلم واحد،
وكيف وهارون قتل المئات بل آلاف من الصالحين، وهذا ما تذكره كل المصادر التاريخية.
وحتى نعرف فداحة
الجريمة التي قام بها هارون بقتله لإدريس الأكبر ندعو القارئ ليبحث في ترجمته،
ليرى دوره الدعوي الكبير في الشمال الإفريقي، حيث استطاع أن يدعو القبائل اليهودية
والوثنية إلى الإسلام، ويعرفهم به، ويدخلوا فيه أفواجا، ذلك أن الفاتحين العسكريين
لم يكن لهم الوقت للجلوس للناس وتعليمهم، وإنما اكتفوا بالتوسع العسكري عن الدعوة
إلى الله تعالى.
ولذلك كان دور
إدريس الأكبر الدعوي هو الفتح الحقيقي، وقد التفت به القبائل الأمازيغية بعد أن
رأت فيه النموذج الحقيقي الذي يمثل الإسلام، لكن هارون الذي لم يكن يفكر في نشر
الإسلام، وإنما كان يفكر في ملكه وفي الإتاوات التي تأتيه من المغرب والمشرق،
ولذلك راح يرسل له من يقوم بقتله، متجاهلا تلك الأدوار الدعوية العظيمة التي كان
يقوم بها هناك.
فقد ذكر
المؤرخون أن قبائل زناتة وزواغة وسدراتة وغياثة ومكناسة وغمارة وكافة القبائل
الأمازيغية في المغرب الأقصى، وبعد أن رأوا صفات إدريس الأكبر وأخلاقه العالية
وعلمه العظيم راحوا يبايعونه، ويقومون معه بنشر الإسلام وتعريف الناس به في كل
المناطق التي لم تدخل الإسلام بعد.. لكن حقد هارون وصل إليه عبر إرسال من قتله.
وقد قال حينها
بعض الشعراء من الموالين لبني العباس يذكر قتله، ويصور في نفس الوقت اليد
الإجرامية لبني العباس، والتي لم تكن تتوقف أبدا [1]: