اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 63
وتتناسق،
وتتآخى، وكأنه لا تنافر بينها.
وما أكثر
الأمثلة على ذلك، وقد سبق أن ذكرنا في كتابنا عن مجزرة بني قريظة كيف استطاع
الكثير أن يسوغ ما ذكره المدلسون من أن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم
ذبح زهاء 900 رجل وشاب من بني قريظة، في نفس الوقت الذي عفا عن بني قينقاع وبني
النضير وقريش وكبار المنافقين مع أن ذنب من عفا عنهم أكبر بكثير من ذنب بني قريظة،
وبإقرار تلك العقول نفسها.
وهكذا يقال في
هارون العباسي، الذي يترضون عنه في نفس الوقت الذي يترضون عن الذين قتلهم من
العلماء والصالحين الذين لا يزالون يعتبرون الطاعن فيهم طاعنا في الدين نفسه،
ولسنا ندري كيف نجمع بين الترضي على القاتل والضحية في نفس الوقت.
والعجب الأكبر
أن هؤلاء الذين يستعملون كل الوسائل لستر جرائم هارون في هذا المجال، يتباكون على
قتل جمال خاشقجي، ويطالبون بدم قتلته حتى لو كانوا ملوكا، مع أن الخاشقجي لا يساوي
شيئا أمام تلك الشخصيات العظيمة التي قام هارون بقتلها، وبدم بارد.
فقد ذكر كل
المؤرخين وباتفاق منهم جميعا على أن هارون هو الذي قتل إدريس بن عبد الله بن الحسن
بن الحسن بن علي بن أبي طالب (127 هـ - 177 هـ)، ذلك الذي يلقب في المغرب العربي
باسم إدريس الأكبر، وينتسب إليه أكثر سادة وأشراف المغرب العربي، ويذكرون أنه كان
السبب في إسلام الكثير من القبائل الأمازيغية التي لم يقنعها الفتح العسكري
بالإسلام، وإنما أقنعتها طروحات المولى إدريس كما يطلقون عليه.
وهم يتفقون على
الشهادة له بالصلاح والتقوى، ويزورون ضريحه، ويحيون كل المناسبات التي ترتبط به،
وبالكثير من أولاده وحفدته، ولكنهم للأسف، وفي نفس الوقت يترضون عن قاتله هارون،
ويذكرون مناقبه، ولست أدري كيف يوفق بين هذا وذاك.
فإن كان موقف
هارون صالحا وعادلا، فإن إدريس الأكبر كان مستحقا لما حصل له، ولذلك لا يصح أن يعتبر
من الأولياء، ولا من الصالحين.. وإن كان العكس، فإن حكم هارون
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 63