اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 61
المزاد العلني بمائتين
وخمسين ألف درهم[1]، وهو مبلغ ضخم جدا، ويمكن لمن شاء أن يحسبه، ويرى
المشاريع التي يمكن أن ينفذ بها
ذلك المبلغ الذي لم يكن له من دور سوى إرضاء نزوات الخليفة الذي أجمعوا على تسميته
رشيدا.
لكن الصالحين لم
يكونوا يسمونه كذلك، بل كان يرفضون أخذ ماله، اعتقادا منهم بأنه ينفق مما لا يملك،
ومن الأمثلة على ذلك ما روي أنه لما
دخل الكوفة خرج الناس للنظر إليه، فناداه بهلول[2] ثلاثاً، فقال: من المجترىء علي في هذا
الموضع؟ قيل: بهلول المجنون. فرفع السجافة وقال: بهلول؟ قال: لبيك يا أمير
المؤمنين، روينا عن أيمن بن نائل قال: حدثنا قدامة عن ابن عبد الله العامري قال:
رأيت رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يرمي جمرة العقبة لا
ضرب ولا طرد ولا قيل بين يديه إليك إليك؛ وتواضعك في سفرك هذا خير لك من تجبرك
وتكبرك، قال: فبكى الرشيد حتى جرت دموعه على الأرض، وقال: أحسنت يا بهلول، زدنا
يرحمك الله.
قال: وروي أن
النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال: أيما رجل آتاه الله مالاً
وجمالاً وسلطاناً فأنفق في ماله وعف في جماله وعدل في سلطانه كتب في خالص ديوان
الله من الأبرار. قال: أحسنت يا بهلول، وأمر له بجائزة سنية، فقال: (يا أمير
المؤمنين؛ ردها على من أخذتها منه؛ فلا حاجة لي بها)، فقال: يا بهلول؛ إن كان عليك
دين قضيناه. قال: يا أمير المؤمنين، هؤلاء أهل الرأي بالكوفة أجمعوا على أن قضاء
الدين بالدين لا يجوز، قال: فنجري عليك ما يكفيك؛ فرفع رأسه إلى السماء وقال: (يا
أمير المؤمنين؛ أنا وأنت في عيال الله، ومحال أن يذكرك
[1]
الإماء الشواعر، أبو الفرج الأصبهاني، دار النشر : عالم الكتب - بيروت/لبنان -
1404ه - 1984م، الطبعة : الأولى، تحقيق : د.نوري حمودي القيسي، د.يونس أحمد
السامرائي (ص: 46)
[2]
قال في [جمع الجواهر في الملح والنوادر، إبراهيم بن علي بن تميم الأنصاري، أبو
إسحاق الحصري، دار المناهل للطباعة والنشر والتوزيع، (ص: 62)] تعقيبا على الرواية:
(وقيل: إن بهلولاً كان يستعمل الجنون ستراً على نفسه)
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 61