اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 364
على فسقه فللأمام أن ينتزع تلك
الأوقاف ويجعلها على القربات)[1]
وهذه الفتوى تتناقض تماما مع ما
ورد في النصوص المقدسة من إتاحة الحرية الدينية لهم، والقياس على الفسقة قياس مع الفارق، فالفاسق لم يقر في أي دين على فسقه، بل اعتبر في حال نشره الرذائل محاربا لله
ورسوله بخلاف الكتابي المتعبد، فإن
أمره إلى الله، وقد منعنا الله من التعرض له.
ووجه الاستدلال الذي استدل به
ابن القيم في هذه المسألة يدل على مدى تغليب المواقف والفهوم الشخصية والقياسات
البعيدة على النصوص القطعية.
ولم يكتف ابن القيم وسلفه بهذا، بل نراهم يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة
تتعلق بالمجاورين لهم من أهل الكتاب، فمما
ذكره ابن القيم من أحكامهم قوله: (أما
حكم أبنيتهم ودورهم فإن كانوا في محلة منفردة عن المسلمين لا يجاورهم فيها مسلم
تركوا وما يبنونه كيف أرادوا، وإن
جاوروا المسلمين لم يمكنوا من مطاولتهم في البناء سواء كان الجار ملاصقا أو غير
ملاصق بحيث يطلق عليه اسم الجار قرب أو بعد) [2]
وعلل هذا الحكم بقوله: (وهذا المنع لحق الإسلام لا لحق الجار
حتى لو رضي الجار بذلك لم يكن لرضاه أثر في الجواز.. وليس هذا المنع معللا بإشرافه على المسلم
بحيث لو لم يكن له سبيل على الإشراف جاز، بل لأن الإسلام يعلو ولا يعلى) [3]
وبين عموم هذا الحكم على كل
الأحوال، فقال: (والذي تقتضيه أصول المذهب وقواعد الشرع
أنهم يمنعون من سكنى الدار العالية على المسلمين بإجارة أو عارية أو بيع أو تمليك
بغير عوض، فإن المانعين من تعلية البناء
جعلوا ذلك من حقوق الإسلام واحتجوا