وهكذا استطاعت آية واحدة أساء
أتباع الملك العضوض فهمها أن ينسخوا بها كل قيم السماحة والرحمة التي جاء القرآن
الكريم للدعوة إليها، ولهذا يذكرون في فضل آية السيف قول الحسن بن فضل: (نسخت هذه
الآية كل آية في القرآن فيها ذكر الإعراض والصبر على أذى الأعداء..)، وقال ابن حزم
في كتابه الناسخ والمنسوخ: (في القرآن مائة وأربع عشرة آية في ثمان وأربعين سورة
نسخت الكل بقوله: {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة:
5]..)[2]
ولهذا أباح أصحاب الملك العضوض
لأنفسهم غزو شعوب العالم، واستعمال كل أنواع الجرائم في حقها، وباسم الإسلام،
وباسم الفتح.. ولم يكتفوا بذلك، بل راحوا إلى المواطنين من أهل الأديان الأخرى
الذين يسكنون معهم وطنا واحدا يتعاملون معهم بكل أنواع الإذلال، كما رأينا ذلك
سابقا.
ولهذا يعتبرون من محامد هارون
والمتوكل والمعتضد والمهدي والقادر وغيرهم من أصحاب الملك العضوض من الذين أحيوا
سنة قهر أهل الذمة وإذلالهم، ولذلك أثنى عليهم ابن تيمية، فقال: (وكان في أيام
المتوكل قد عز الإسلام حتى ألزم أهل الذمة بالشروط العمرية، وألزموا الصغار، فعزت
السنة والجماعة، وقمعت الجهمية والرافضة ونحوهم، وكذلك في أيام المعتضد والمهدي
والقادر، وغيرهم من الخلفاء الذين كانوا أحمد سيرة،