اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 359
قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا
وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُون ﴾ [المائدة:82]، فقد ذكروا عن سلفهم أن هذا
ليس عاما بكل النصارى، بل خاص بالنجاشي ووفده الذين أسلموا لما قدموا على النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم وهم اثنان وثلاثون أو أربعون أو سبعون
أو ثمانون رجلا، وليس المراد كل النصارى لأنهم في عداوتهم كاليهود[1].
وهكذا عطلت هذه الآيات الكريمة
باستخدام سلاح أسباب النزول.. وهكذا راحوا يستعملون ما وضعوه من علوم نسبوها
للقرآن الكريم يستخدمونها مع كل الآيات الكريمة التي تدعو إلى التسامح والرحمة
والعلاقات الطيبة بين البشر جميعا مسلمين وغير مسلمين.
ومن تلك العلوم، أو من تلك
الأسلحة، وهو أخطرها سلاح النسخ، وقد قال الشيخ مرعي بن يوسف المقدسي الحنبلى
(المتوفى: 1033هـ)، وهو من مشايخ السلفية الكبار في قوله تعالى: ﴿
فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِير ﴾ [البقرة:109]: (أصل العفو الترك والمحو والصفح
الإعراض والتجاوز نسخ بقوله تعالى: ﴿ قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ
بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ
وَرَسُولُهُ ﴾ [التوبة:29]، وأمر الله القتل والسبي لبني قريظة، والجلاء
والنفي لبني النضير، قال المحققون: إن مثل هذا لا يسمى منسوخا، لأن الله جعل العفو
والصفح مؤقتا بغاية، وهو إتيان أمره بالقتال، ولو كان غير مؤقت بغاية لجاز أن يكون
منسوخا)[2]
ومثل ذلك قالوا في قوله
تعالى:﴿ قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ
وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُون ﴾
[البقرة:139]، فقد اعتبروها أيضا منسوخة، نسختها آية السيف[3].. فما حاجة المسلمين إلى محاجة
خصومهم ومجادلتهم وحوارهم بعد أن أن
[1]
قلائد المرجان في بيان الناسخ والمنسوخ في القرآن (ص: 100)