اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 347
(قال الشيخ أبو أحمد الكرخي،
الإمام المشهور في أثناء المائة الرابعة، في العقيدة التي ذكر أنها اعتقاد أهل السنة
والجماعة، وهي العقيدة التي كتبها للخليفة القادر بالله، وقرأها على الناس، وجمع
الناس عليها، وأقرتها طوائف أهل السنة، وكان قد استتاب من خرج عن السنة من
المعتزلة والرافضة ونحوهم، سنة ثلاث عشرة وأربعمائة)[1]
وذكر كيف انتشر ذلك الاعتقاد،
وكيف امتحن به الناس، بل حتى العلماء، وقتلوا بسبب مخالفتهم له، فقال متحدثا عن السلطان
محمود بن سبكتكين الذي أيده القادر بالله، واعتبره من جنده وأنصاره، فقال: (وأظهر
السلطان محمود بن سبكتكين لعنة أهل البدع على المنابر، وأظهر السنة، وتناظر عنده
ابن الهيصم وابن فورك في مسألة العلو، فرأى قوة كلام ابن الهيصم، فرجح ذلك، ويقال
إنه قال لابن فورك: فلو أردت تصف المعدوم كيف كنت تصفه بأكثر من هذا؟ أو قال: فرق
لي بين هذا الرب الذي تصفه وبين المعدوم؟ وأن ابن فورك كتب إلى أبي إسحق
الأسفراييني يطلب الجواب عن ذلك، فلم يكن الجواب إلا أنه لو كان فوق العرش للزم أن
يكون جسماً، ومن الناس من يقول: إن السلطان لما ظهر له فساد قول ابن فورك سقاه
السم حتى قتله، وتناظر عنده فقهاء الحديث من أصحاب الشافعي وغيرهم، وفقهاء الرأي،
فرأى قوة مذهب أهل الحديث فرجحه)
[2]
وهكذا استعمل السلطان محمود نفس
ما استعمله القادر بالله من امتحان الناس في عقائدهم، وقتل من رأى فيه التنزيه،
مثلما فُعل بالموحدين في المسيحية واتهامهم بالهرطقة.
وحتى لا يكون حديثنا مجرد دعوى
كذلك، فسنذكر هنا عقيدتين من العقائد التي وردت في ذلك القانون العقدي الذي شرعه
القادر بالله، وكلتاهما كان لها آثارها الخطيرة التي لا نزال نراها إلى اليوم في
كتب العقائد الإسلامية.