وهو طبعا لا يقصد بالكتاب والسنة
العودة إلى المصادر المقدسة، كما هي صافية نقية، وإنما يقصد بها تلك التأويلات
والتحريفات التي تحولت بها المصادر المقدسة إلى مصادر للتجسيم والخرافة وكل أنواع
الضلال، بدليل أنه ـ كما يذكر المشيدون به ـ (أمر الفقهاء والمحدثين أن يجلسوا
للناس، وأن يحدثوا بالأحاديث التي فيها الردّ على المعتزلة والجهمية، وأن يحدثوا
بالأحاديث في الرؤية والصفات) [2]
وهم يذكرون ـ بكل حقد ـ ما فعله
من جرائم في حق من يخالفون تلك القوانين الدينية التي سنها له من ارتضاهم من
الفقهاء، مثلما فعل أولئك الذين أحاطوا بقسطنطين، وراحوا يعذبون المخالفون لهم،
وقد ذكروا من ذلك أنه أن صادر أموال أحمد بن أبي داود، وسجن أصحابه.. وقتل رجلاً
كان نصرانياً فأسلم، ومكث سنين كثيرة، ثم ارتد فاستتيب، فأبى الرجوع إلى الإسلام،
فضربت عنقه [3]، ولما ظهر شخص يزعم أنه ذو
القرنين ويدّعي النبوة، أمر المتوكل بضربه بالسياط، فضرب ضرباً شديداً، فمات من
بعد ضربه ذلك[4].
وهكذا فعل من بعدهم من أصحاب
الملك العضوض، فالمعتضد نهى عن بيع كتب الكلام والفلسفة والجدل بين الناس[5].
وهكذا فعل من قبلهم من الأمويين،
ولعل أحسن النماذج على ذلك ما فعله الظالم المستبد خالد القسري الذي كان واليا علي
العراق لهشام بن عبدالملك، والذي ذبح الجعد بن درهم يوم العيد بسبب بعض آرائه
العقدية، ثم خطب الناس وقال: (أيها الناس! ضحوا،