اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 269
التخلف بتبنيها لنظام الملك
العضوض، ولكنا عندما نقارن بين كلا الدولتين نجد فرقا كبيرا، وأولهما وأعظمهما أن
الدولة الصفوية لم تكن سوى دويلة صغيرة محدودة التأثير بخلاف الدولة العثمانية
التي امتدت ولفترة طويلة في جميع البلاد الإسلامية.
وكان في إمكانها استثمار الطاقات
في توجيه الأمة نحو التطور العلمي والتقني، لكنها لم تفعل ذلك، لأنها لم تكن ترى
في العالم الإسلامي سوى مزرعة، تجني خيراتها، وتحصد ثمارها، كل حين، لتملأ
خزائنها.. ولا تكتفي بذلك، بل تزيد عليه بإدخالها في حروب لا ناقة لها فيها ولا
جمل.
والأخطر من ذلك أن العثمانيين
وغيرهم من أصحاب الملك العضوض، كانوا السبب في نزع الثقة من حاكمية الشريعة،
وجعلوا الشعوب أميل إلى العلمانية منها إلى الإسلام، ولذلك سرعان ما حلت
العلمانية، وظهرت القوميات بعد سقوط العثمانيين، لكونهم أعطوا أسوأ الأمثلة عن
نظام الحكم الإسلامي، باستخدامهم الدين وسيلة لتغطية جرائمهم، مثلما تفعل الجماعات
المسلحة تماما.
ولذلك لا يمكن للإسلاميين أن
يقنعوا العالم بعدالة النظام الإسلامي، ولا تحضره، ولا انبناءه على القيم، ما لم
يتبرأوا منهم، ومن جميع تلك الخلافات المزورة التي سماها رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ملكا عضوضا، حتى ينزاح على الإسلام
ثقل من شوهه، وملأه بالشبهات.
لكن للأسف الإسلاميون لم يفعلوا
ذلك، بل نجدهم يدخلون تلك الدول المزورة في الدين، ويجعلون الإيمان بها، وتبجيلها،
ركنا من أركان الدين، فلا ينتقدها أحد إلا اتهم في دينه وعرضه.
بناء على هذا سنذكر هنا بعض مظاهر
التخلف العثماني، باستعراض بعض النماذج، والاكتفاء بها، لأن كل ما ذكرناه سابقا
يدخل في هذا العنوان.
1 ـ التخلف الديني:
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 269