اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 26
معه كل الظلمة..
وينسون أن يذكروا ولو بكلمة حزن وألم أولئك المستضعفين الذين كتب عليهم أن يعيشوا
بين مطرقة الصليبيين، وسندان الأيوبيين أو غيرهم من المستبدين.
لقد ذكر ابن
الأثير كيف تحولت أفراح أولئك المستضعفين من المسلمين إلى أحزان، بعد أن عاد
الصليبيون إلى القدس من جديد، وسكنوا مساكنهم التي أفنوا أعمارهم في بنائها،
وامتلكوا بساتينهم التي قضوا حياتهم جميعا في استصلاحها وزراعتها؛ فقال: (وتسلم
الفرنج البيت المقدس، واستعظم المسلمون ذلك وأكبروه، ووجدوا له من الوهن والتألم
ما لا يمكن وصفه)[1]
ووصفه المقريزي،
فقال: (ونودي في القدس بخروج المسلمين منه وتسليمه إلى الفرنج، فكان أمرا مهولا من
شدّة البكاء والصراخ، وخرجوا بأجمعهم فصاروا إلى مخيم الكامل وأذنوا على بابه في
غير وقت الأذان، فشق عليه ذلك وأخذ منهم الستور وقناديل الفضة والآلات وزجرهم،
وقيل لهم امضوا حيث شئتم، فعظم على المسلمين هذا وكثر الإنكار على الملك الكامل
وشنعت المقالة فيه)[2]
ووصفه بعض
المؤرخين المعاصرين[3]، فقال: (أثار تسليم مدينة القدس للفرنجة موجة عارمة
من السخط والأسى في العالم الإسلامي. وكانت ردة الفعل شديدة، خصوصاً عند أهل
المدينة، ولعل من المفارقة أن نشير إلى ما أحدثه تسليم مدينة القدس وإعادتها إلى
حظيرة المسيحية من استنكار واستياء يصل إلى درجة الغضب لدى الأوساط الفرنجية، الدينية
منها والدنيوية في بلاد المشرق، فرأى بعضهم أن كرامة النصرانية كانت تقضي بأن