لكن المصريين وغيرهم لم ينخدعوا
بذلك الخطاب الذي كان يردد العثمانيون أمثاله، بل راحوا يستعملون كل وسائل
المقاومة، ومن الأمثلة عنها ما ذكره الجبرتي في (حوادث شهر شعبان عام 1213هـ
الموافق لـ 8 يناير الى 5 فبراير عام 1799م)، حيث قال: (ومنها تواتر الأخبار من ابتداء
شهر رجب بأن رجلا مغربيا يقال له الشيخ الكيلاني كان مجاورا بمكة والمدينة
والطائف، فلما وردت أخبار الفرنسيس إلى الحجاز وأنهم ملكوا الديار المصرية انزعج
أهل الحجاز ويدعوهم إلى الجهادويحرضهم على نصرة الحق والدين وقرأ بالحرم كتابا
مؤلفا في معنى ذلك فاتعظ جملة من الناس وبذلوا اموالهم وأنفسهم واجتمع نحو
الستمائة من المجاهدين وركبوا البحر إلى القصير مع ما انضم إليهم من أهل ينبع
وخلافه فورد الخبر في اواخره أنه انضم إليهم جملة من أهل الصعيد وبعض اتراك
ومغاربة ممن كان خرج معهم مع غز مصر عند وقعة انبابة وركب الغز معهم أيضا وحاربوا
الفرنسيس فلم تثبت الغز كعادتهم وأنهزموا وتبعهم هوارة الصعيد والمتجمعة من القرى)[2]
وهكذا فعل العثمانيون مع الجزائر
التي احتلوها، ونهبوا خيراتها لفترة طويلة، لكنهم بعد أن دخل الاستعمار الفرنسي
تركوا الدفاع عنها للأمير عبد القادر، والمقاومات الشعبية التي لم تكن تملك الخبرة
والأسلحة التي كان يملكها العثمانيون.
وهكذا يذكر المؤرخون أن
المورسيكيين الذين استعمل الإسبان معهم كل وسائل العنف والشدة استغاثوا
بالعثمانيين، وهم في أوج قوتهم لينجدوهم، لكنهم لم يفعلوا.
يقول علي بن محمد المنتصر بالله
الكتاني في كتابه الذي خصصه لما حصل لهم من مظالم: (ثم استغاث الأندلسيون
بالسلطان بايزيد العثماني في المرة الأولى سنة 1499 م،
[1]
خطاب نابليون بطوله في تاريخ الجبرتي عجائب الآثار 3/ 63.
[2]
تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار (2/ 250).
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 217