اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 215
الصفويين والمماليك، ولم تترك
قطعة في البلاد الإسلامية إلا راحت تضربها، وبأسلحتها المتطورة، توقفت أن تنجد
مصر، ولا غيرها من البلاد الإسلامية عندما دخل الاستعمار.
ولذلك كان المنجد لها هو تلك
الثورات الشعبية التي لا تملك من السلاح والتدريب إلا القليل، ومع ذلك كان لها
أدوارها المحترمة بعد غياب السلاطين الذي لم يكن لهم شغل في بلاد الإسلامية إلا
اللصوصية وجباية الضرائب والقضاء على المعارضين، وإخافة الشعوب حتى لا تقوم بأي
حركة تمرد أو احتجاج، فقد واجه الإحتلال الفرنسي عدة ثورات وانتفاضات شعبية خلال
السنوات الثلاث التي هيمن فيها على مصر.
وفي 21 تشرين الأول 1798، أي بعد
ثلاثة أشهر فقط من دخول الفرنسيين، نشبت ثورة بدأها شيخ أزهري خرج إلى الأسواق
ينادي: (لى كل مؤمن موحد بالله عليه بجامع الأزهر، لأن اليوم ينبغي لنا أن نغازي
الكفار)، وصارت الأصوات ترتفع من فوق المآذن والسطوح العالية تدعو المسلمين
للجهاد، فتجمعت الجماهير حاملة البنادق والأسلحة، وبدأ الناس بمهاجمة الجنود
الفرنسيين، كما هوجمت دار العلوم والمستشفى العسكري.
وفي ذلك الحين، أمر نابليون
بتوجيه المدافع المصوبة في القلعة صوب الجامع الأزهر وما حوله من الدور والأسواق،
وبدأت بدك المباني بالقنابل، فأثارت الرعب فهرب الناس من المكان، وفي المساء أحاط
الجنود الفرنسيون يصحبهم ثلاثمائة خيال بالجامع، ثم دخلوا فيه، وأخذوا يأسرون من
كان فيه من الثوار، ويعبثون به وبمحتوياته عبثاً شديداً.
وذهب شيوخ الأزهر لمقابلة
نابليون يرجونه الكف عن انتهاك الجامع وقتل الناس، فأخذ يلومهم ثم أعلن العفو
عنهم.. لكن إعلانه للعفو كان ظاهرياً، إذ أنه أصدر أوامره خفية بقتل كل من قاد
الثورة أو شارك فيها.
ثم أمر نابليون بإعدام ثمانين
رجلاً من الذين كانوا أعضاء في (ديوان الدفاع) وهو الديوان الذي كان بمثابة مركز
القيادة للثورة، وبعد أن تمت عمليات الإعدام والتصفيات
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 215