اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 172
زوجة له فانووا بالضمير ابن عمها
الذي تزوجها في بني إسرائيل ثم فارقها قبل البناء.. وإن قالوا عيسى توفي بالصلب،
فانووا من التوفية والكمال والتشريف من هذه، وأمانته وصلبه وإنشاء ذكره، وإظهار
الثناء عليه بين الناس، وأنه استوفاه الله برفعه إلى العلو)[1]
وهكذا استطاع هذا الفقيه الجهبذ
أن يعطيهم المخارج الشرعية، التي اختصر فيها الدين في تلك الألفاظ والطقوس، دون
التفات منه للأجيال التي لن تجد لها ما يدلها على دينها، أو يثبتها عليه.
ولو أن هذا المفتي قرأ قوله
تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ
قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا
أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ
مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97]، لوجد لهم المخرج القرآني
الذي كان يمكنه بسهولة أن ينهي المشكلة من أساسها، خاصة وأن الاسبان كانوا يطلبون
من المسلمين كل حين الخروج إلى البلاد التي جاءوا منها، مثلما نطلب نحن الآن من
اليهود في فلسطين أن يعودوا إلى بلادهم، فلا يجوز شرعا لأي شعب أن يخرج شعبا آخر
من أرضه.
لكنه للأسف لم يفعل، بل اعتبرهم
مجاهدين ومرابطين مع أنهم لم يمكثوا هناك إلا لأجل الدنيا التي اجتذبتهم، ولم
يستطيعوا الفكاك من حبالها، وقد ذكر الكتاني كيف كان يعيش المسلمون في تلك الفترة،
فقال: (وهكذا تظاهر المسلمون مكرهين بقبول دين النصارى، يقومون بما يجبرون عليه من
الترداد إلى الكنائس وتعميد الأطفال. لكنهم ظلوا مسلمين سرًّا يقومون بشعائر
الإسلام من صلاة وصيام وتحاشي المنكرات. فكانوا يغسلون أبناءهم من التعميد،
ويقومون بالزواج الإسلامي بعد الزواج في الكنيسة، ويربون أبناءهم سرًّا على
الإسلام. وعملوا جهدهم للتكيف مع هذا الوضع الشاذ الحرج الخطر إلى أن يأتي