اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 170
والسطوة، بل تعدتها إلى ما بعد
خروجهم، حيث آثر الكثير من المسلمين البقاء في ذلك الفردوس الذي لم يستطيعوا
الخروج منه.. لكنهم دفعوا مقابل ذلك كل شيء ابتداء من كرامتهم، وانتهاء بدينهم.
وللأسف كان للفقهاء الذين لا
يعرفون القيم القرآنية دور كبير في بقائهم، فقد أورد المؤرخ الكبير علي بن محمد
المنتصر بالله الكتاني (المتوفى: 1422هـ) في كتابه [انبعاث الإسلام في الأندلس]
عند حديثه عن اضطهاد المسلمين فيها بين 1502 - 1567 م فتوى لمفتي وهران، أحمد بن
بوجمعة المغراوي، وهو أندلسي من بلدة المغرو بمقاطعة قلعة رباح، سنة 910 هـ، يقول
فيها مخاطبا أولئك الممتحنين في دينهم، لأجل دنياهم: (إخواننا القابضين على دينهم
كالقابض على الجمر، من أجزل الله ثوابهم فيما لقوا في ذاته، وصبروا النفوس
والأولاد في مرضاته، الغرباء القرباء إن شاء الله، من مجاورة نبيه في الفردوس
الأعلى من جناته، وارثو سبيل السلف الصالح في تحمل المشاق، وإن بلغت النفوس إلى
التراق. نسأل الله أن يلطف بنا، وأن يعيننا وإياكم على مراعاة حقه بحسن إيمان
وصدق، وأن يجعل لنا ولكم من الأمور فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا. بعد السلام عليكم من
كتابه إليكم، من عبيد الله أصغر عبيده، وأحوجهم إلى عفوه ومزيده، عبيد الله تعالى
أحمد بن بوجمعة المغراوي ثم الوهراني، كان الله للجميع بلطفه وستره، سائلاً من
إخلاصكم وغربتكم حسن الدعاء بحسن الخاتمة والنجاة من أهوال هذه الدار، والحشر مع
الذين أنعم الله عليهم من الأبرار)[1]
ثم راح بعد تلك المقدمة يفتي لهم
الفتاوى العجيبة، فيقول: (مؤكدًا عليكم في ملازمة دين الإسلام، آمرين به من بلغ من
أولادكم إن لم تخافوا دخول شر عليكم من إعلام عدوكم
[1]
انبعاث الإسلام في الأندلس، علي بن محمد المنتصر بالله الكتاني (المتوفى: 1422هـ)،
دار الكتب العلمية - بيروت – لبنان، الطبعة:
الأولى، 1426 هـ - 2005 م، (ص: 70)
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 170