اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 156
وتشوّقوا إلى الجهاد، واستدعاهم
إخوانهم من وراء البحر للمدافعة عنهم، فأجازوا إليهم وأبلوا في جهاد العدوّ أحسن
البلاء، وأوقعوا بالطاغية ابن أدفوش يوم الزلّاقة وغيرها. وفتحوا حصونا واسترجعوا
أخرى واستنزلوا الثوّار ملوك الطوائف، وجمعوا الكلمة بالعدوتين. وجاء على أثرهم
الموحّدون سالكين أحسن مذاهبهم، فكان لهم في الجهاد آثار على الطاغية أيام، منها
يوم الأرك ليعقوب بن المنصور وغيره من الأيام) [1]
وبعد هذه المقدمات وغيرها، والتي
نحتاج إلى قراءتها قراءة تدبرية حتى نفهم المدى الذي وصل إليه المسلمون في علاقتهم
بغيرهم من الذين كلفوا بدعوتهم، راح يسرد ما حصل من انتصارات، فقال: (.. واستدعى
من الغد صاحب سبتة في السفن لإجازتهم فوافاه بقصر الجواز عشرون من الأساطيل، فأجاز
العسكر ونزل بطريف، وأراح ثلاثا، ودخل دار الحرب وتوغّل فيها، وأجلب على ثغورها
وبسائطها. وامتلأت أيديهم من المغانم وأثخنوا بالقتل والأسر وتخريب العمران ونسف
الآثار، حتى نزل بساحة شريس، فخام حاميتها عن اللقاء وانحجروا في البلد، وقفل عنها
إلى الجزيرة وقد امتلأت أيديهم من الأموال وحقائبهم من السبي وركائبهم من الكراع
والسلاح) [2]
ثم ذكر تأثير تلك الانتصارات في
أهل الأندلس، فقال: (ورأى أهل الأندلس قد ثاروا بعام العقاب حتى جاءت بعدها الطاعة
الكبرى على أهل الكفر، واتصل الخبر بأمير المسلمين فاعتزم على الغزو بنفسه.. ثم
استنفر الكافة واحتشد القبائل والجموع، ودعا المسلمين إلى الجهاد. وخاطب في ذلك
كافة أهل المغرب من زناتة والعرب والموحّدين والمصامدة وصنهاجة وغمارة وأوربة
ومكناسة وجميع قبائل البرابرة وأهل المغرب من المرتزقة والمطّوعة. وأهاب بهم وشرع
في إجازة البحر، فأجازه من فرضة طنجة لصفر من