اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 128
السنية، ومع ذلك قيلت فيه كل
تلك الأقوال، فكيف بغيره، ممن تشم فيه روائح الولاء لأهل بيت النبوة، أو يشم فيهم
بعض الاهتمام الفلسفي والعقلي.
5 ـ المتوكل.. والمال العام:
مثلما ذكرنا سابقا من أن الخلفاء
الأمويين والعباسيين وغيرهم من أصحاب الملك العضوض، كانوا يعتبرون المال العام
ملكا خاصا بهم، فقد راح المتوكل مثل غيره يتلاعب به، ويوزعه لمن شاء، ويحرم منه من
شاء، ويستعمله وسيلة لتوطيد ملكه، وخنق كل من يعارضه.
وللأسف، فإن العلماء الذين
يذكرون سيرته في هذا الجانب لا يوردونها في سيئاته، وإنما يوردونها في حسناته، واعتبرها
من الكرماء أصحاب الجود، ولست أدري على أي دليل شرعي اعتمدوا على ذلك.
ومن الأمثلة على ذلك شمس الدين
الذهبي (المتوفى: 748هـ) تلميذ ابن تيمية، والذي اعتبر المتوكل ناصرا للسنة، وكان
متشددا جدا مع المخالفين يرميهم بأقذر التهم لأتفه الأسباب، ومع ذلك لم يلتفت لكل
ذلك الإسراف الذي كان عليه هذا الناصر للسنة.
فقد روى في [سير أعلام النبلاء]
بعض مظاهر ذلك، ومنها ما عن الشاعر علي بن الجهم، وأنه دخل على المتوكل، وبيده
درتان من المال يقلبهما، فأنشده قصيدة له، فأعطاه واحدة منها، فقلبها، فلما رآه
يفعل ذلك، ظن أنه يستنقصها، فقال له: تستنقص بها.. هي والله خير من مائة ألف، فقال
علي بن الجهم: لا والله، لكني فكرت في أبيات آخذ بها الأخرى، ثم أنشأ يقول:
بسر من رأى إمام عدل.. تغرف من
بحره البحار
يرجى ويخشى لكل خطب.. كأنه جنة
ونار
الملك فيه وفي بنيه.. ما اختلف
الليل والنهار
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 128