تتناول هذه الرسالة جانبا مهما من جوانب السلام وردت به النصوص المقدسة،
وهو السلام مع الجسد والطين الذي خلقه الله للإنسان ليؤدي وظيفته التي كلف بها على
هذه الأرض..
فالإنسان ـ كما ورد في النصوص المقدسة ـ تراب وطين وحمأ مسنون، كما أنه
روح سامية نفخت فيه من الجناب المقدس..
وكما أن الإنسان مطالب بأن يسالم روحه، ويسالم كل الكون، فهو مطالب كذلك
بأن يسالم جسده وطينه وحمأه المسنون، فلا يصارعه، ولا يذله، ولا يتعامل معه بما
يخالف طبيعته.
وقد حاولت في هذه الرسالة أن أجمع أكبر قدر من النصوص المقدسة التي ترتبط
بهذه الناحية، وأمزج بينها وبين ما يقوله العلم الحديث، وقد خرجت بحمد الله
بمنظومة شاملة تكفي لتحقيق العافية التي طولبنا بأن نحرص عليها، وأن نستعمل كل ما
يمكننا من أدوات لتحصيلها والحفاظ عليها.
وقد رأيت أن هذه المنظومة تتكون من أربعة أركان، خصصت كل ركن منها بحصن
من الحصون:
الحصن الأول: وهو حصن الاستقامة، فالملتزم بأحكام الشريعة لا يحفظ روحه
فقط، بل يحفظ جسده أيضا، فالخمر والمخدرات والفواحش وغيرها من المحرمات الظاهرة لا
تؤذي الروح فقط، بل تؤذي الجسد أيضا.. وهكذا المحرمات الباطنة من الحسد والكبر
وغيره من الأمراض كلها تنهك الروح والجسد.
الحصن الثاني: وهو حصن الوقاية، وقد تناولت فيه التشريعات المرتبطة
بالوقاية كالصوم وتحريم الإسراف والطهارة وغيرها، فكلها لها دور مهم وفاعل في
الحفاظ على