قال: المطيع القاهر
لشهواته المتجرد الفكر في حقيقة من الحقائق قد لا ينكشف له ذلك لكونه محجوبا عنه
باعتقاد سبق إليه منذ الصبا على سبيل التقليد أو القبول بحسن الظن، فإن ذلك يحول
بينه وبين حقيقة الحق، ويمنعه من أن ينكشف في قلبه خلاف ما تلقفه من ظاهر التقليد.
قلت: فهل هناك من
حجبوا بهذا؟
قال: أكثر الخلائق
محجوبون بهذا، فهذا أعظم الحجب، فأكثر المتكلمين والمتعصبين للمذاهب.. بل أكثر
الصالحين المتفكرين في ملكوت السموات والأرض محجوبون باعتقادات تقليدية جمدت في
نفوسهم ورسخت في قلوبهم وصارت حجابا بينهم وبين درك الحقائق.
قلت: ألا يدخل في
هؤلاء كثير من أطباء قومي ممن عرفوا وجوها من العلاج.. فأنكروا جميع ما يخالفها
ولو دلت الحقائق عليها؟
قال: بلى.. فكل من
ينكر الحقائق محجوب ولو حاز العلوم، واحتوى الفنون، بل إن جمعه المجرد للعلوم دون
تحقيق وتمحيص هو الحائل الأكبر بينه وبين الحقائق.
قلت: فهمت هذا..
فأرني المرآة الخامسة.
قال: خذ هذه المرآة،
وحاول أن تعكس عليها قسم الغيبة.. ألم تمر بقسم الغيبة في ابتسامة الأنين؟
قلت: بلى.. ولكني لا
أذكر في أي جهة كان، فقد مررت بقاعات كثيرة وحصون حصينة، وليس لي من الذاكرة ما
أطيق به تحديد جهة ذلك القسم.
قال: فهذا هو
الحجاب الخامس.
قلت: فما هو هذا
الحجاب؟
قال: هو الحجاب
الناشئ عن الجهل بالجهة التي يقع منها العثور على المطلوب، فإن