قال: أتحسب البقر
وحده يجن؟.. فقد يجن الماعز والدجاج والأرانب.. إن الحضارة التي تعيش فيها تتقن
صناعة الجنون.
قلت: وجنون البشر !؟
قال: ذلك أخطر من
جنون البقر.. ألا تعلم أنه مع كل التحذيرات التي لا يتوانى الأطباء من التصريح بها
والتلميح إلا أن نصف البشر لا يبالي بالأطباء.. ولا يسمع إلا لدواعي الجنون التي
تنشرها الحضارة.. قد كشفت المناقشات التي دارت في مصر حول هذا الأمر، أن جنون
البشر وخصوصاً النساء، فاق كل التصورات، حيث تستورد الدول العربية مستحضرات تجميل
بأرقام مخيفة، فمثلاً اقتربت قيمة واردات مصر من مستحضرات التجميل فقط من مليار
جنيه مصري (نحو385 مليون دولار) خلال عام 2000م، بخلاف ما تم تهريبه من المستحضرات
ذاتها، والذي تقترب قيمته من المبلغ نفسه، وهوما يعني أن مصر وحدها تستهلك أكثر من
700 مليون دولار سنوياً مستحضرات تجميل مستوردة!!.
وإذا كان هذا هو
حال مصر، فكم تصرف بقية الدول العربية والإسلامية على هذه المساحيق التي تأكد أنها
تسبب جنون البشر قبل أن يصابوا بجنون البقر؟!.
التفت للمعلم، وقلت:
فما ترى ـ يا معلم ـ في هذه المستحضرات.. هل تنصح العلماء بالإفتاء بتحريمها؟
قال: لقد أفتوا
بحرمة ما هو أقل منها خطرا وإضرارا، فكيف لا يفتون بتحريمها، وهي لا تحوي مفسدة
واحدة.. بل مفاسدها لا تنحصر.. ولكنهم مساكين لا يملكون من أمرهم شيئا.. ولا تملك
فتاواهم شيئا.