responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حصون العافية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 382

أعيش من ظهور هذه الجمال، فحملها أحمالا ثقالا، وكان يحدوبها حتى قطعت مسيرة ثلاثة أيام في ليلة واحدة من طيب نغمته، فلما حطت أحمالها ماتت كلها إلا هذا الجمل الواحد، ولكن أنت ضيفي فلكرامتك قد وهبته لك)

فأحببت أن أسمع صوته، فلما أصبحنا أمره أن يحدو على جمل يستقى الماء من بئر هناك، فلما رفع صوته هام ذلك الجمل وقطع حباله، ووقعت أنا على وجهي، فما أظن أني سمعت قط صوتا أطيب منه.

قلت: فمن لم يتأثر للصوت الجميل شاذ عن الطبيعة إذن؟

قال: أجل.. لأن تأثير السماع في القلب محسوس، ومن لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال بعيد عن الروحانية، زائد في غلظ الطبع وكثافته على الجمال والطيور، بل على جميع البهائم، فإن جميعها تتأثر بالنغمات الموزونة.. ولذلك كانت الطيور تقف على رأس داود u لاستماع صوته.

قلت: لقد ذكرتني بالمستشفيات الإسلامية، فقد كانت تزود بالموسيقى لراحة المرضى.

قال: نعم، فقد كان كثير من أطباء المسلمين يعالجون بالموسيقى، ومما يروى في ذلك[1] أن الكندي ـ وقد كان من علماء الموسيقى، وله فيها تأليف مشهور بين فيها تأثيرات الألحان في النفس البشرية ثم في البدن ـ كان له جار تاجر كبير أصيب ابنه فجأة بالسكتة، أي فقدان النطق، وكان الابن هو المتولي أمور تجارة والده ومعرفة خرجه ودخله، فأصاب الرجل هم كبير، ولم يدع طبيبا إلا لجأ إليه، فلم يستطع أحد له علاجاً، وكان التاجر كثير الازراء على الكندي والطعن عليه، لكنه أضطر إلى الالتجاء إليه.


[1] انظر: جمال الدين القفطي، أخبار الحكماء (ص 376- 377 من الطبعة الأوروبية التي أعيد نشرها في بغداد)

اسم الکتاب : حصون العافية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 382
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست