الصراع الذي تعيشونه.
العدوان على الخلق:
رأيت رجلا يقف أمام شاشة تلفاز، ولكنها ليست كشاشاتنا، هي تشبه نافذة مطلة على الجمال، فقلت للمعلم: ما هذا؟
قال: هذه شاشة تلفاز، وهم يسمونها هنا الرائي.
قلت: ائذن لي ـ يا معلم ـ أن أتفرج فيلما بوليسيا، أو فيلما من أفلام الرعب، أو فيما حربيا، فإني أحب مثل هذه الأفلام؟
قال: أتحب هذه الأفلام؟
قلت: لا أكتمك ذلك، فكل قومي يحبونها، وهم يتابعون أحداثها بشغف عظيم.
قال: ثم يقلدونها في حياتهم.. فتصبح حياتكم بأيدي الشرطة والعسكر والغيلان.
قلت: هذا صحيح.. ولكنا لا نملك من أمرنا شيئا، فقد أصبحت هذه الأفلام جزءا من حياتنا، لا نستحلي غيره، بل لا نتصور وجود غيره.
قال: ولكن مخرجي مدائن السلام أخرجوا آلاف الأفلام.. وكلها في غاية الجمال، ومع ذلك لم تسفك فيها قطرة دم واحدة.
قلت: عجيب هذا.. أيمكن أن يكون هناك فيلم بلا قتلى.. أو بلا سلاح؟
قال: الأفلام كالأحلام تعبر عما يجيش في نفس صاحبها من معان، فإن امتلأ بالسلام أمتلأ ما يخرجه المخرج، أو ما يكتبه الكاتب من السلام.
أمسك بيدي أحدهم، وقال: أنا صحفي من صحفيي الصراع، وقد هداني الله، فتبت، وصرت صحفيا في مدائن السلام.
قلت: فما سر توبتك؟.. أم أنك تؤجلها لعيون الطهارة؟
قال: لا.. سأذكرها الآن.. لقد قمت مرة بإحصاء مشاهد العنف التي رآها