قلت للمعلم: تلك
عقوبات قدرية، قدرها الله على من لم يحترموا نعمه.
قال: والله بحكمته
يشرع للعاصين من التشريعات ما يعاقبهم به جزاء وفاقا على معاصيهم.
قلت: لقد حرم الله
تعالى بعض الطيبات على اليهود بسبب بغيهم، فقال تعالى:﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي
ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا
مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أو الْحَوَايَا أو مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ
جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ (الأنعام:146)، أي إنما حرمنا عليهم ذلك لأنهم يستحقون ذلك بسبب
بغيهم وطغيانهم، ومخالفتهم رسولهم واختلافهم عليه.
وقد صرح القرآن
الكريم بالغرض من تحريم هذه الطيبات وغيرها، فقال تعالى:﴿ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا
عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
كَثِيراً وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ
النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾
(النساء:160 ـ 161)
ومثل ذلك ما أمر به
بنوإسرائيل من قتل أنفسهم مع أن الشريعة في الأصل تحرم قتل النفس مطلقا، قال تعالى:﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ
إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى
بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ
فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هو التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ (البقرة:54)
قال: وليس ذلك خاصا
ببني إسرائيل، فالعقوبات التشريعية مستمرة في هذه الأمة،