أن تتغذوا بعناصرها،
وتداووا ببهائها قبل أن تتداوا بترياقها)
قلت: أهذا في القرآن
الكريم؟
قال: أجل، وسأذكر لك
أربعة أمثلة قرآنية على ذلك، يمكنك أن تستلهم منها المعاني الكثيرة التي تؤسس لعلم
الجمال من القرآن الكريم.
قلت: فما المثال
الأول؟
قال: ما منافع
الأنعام؟
قلت: نأكل لحمها،
ونشرب لبنها، ونلبس صوفها أو وبرها، ونتخذ من جلودها نعالا، وقد نمتطيها إذا كانت
من المراكب، فنجدها مركبا صالحا.
قال: كل هذه منافع
صحيحة ومشروعة، ولكن الله تعالى يضم إليها منفعة أخرى، تتغذى منها الروح، وتتشربها
الفطرة السليمة، وهي الجمال، لقد قال تعالى يعد منافع الأنعام:﴿
وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ
وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ
أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ
إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾(النحل:5 ـ 7)
قلت: لقد فصل الله
تعالى بين منافع الأكل ومنافع الاستعمال بالجمال.
قال: ليبين أن
الجمال منفعة من المنافع لا تختلف عن المنافع الأخرى.
قلت: وقد قال تعالى
في آية أخرى يقرن بين منافع الركوب والجمال:﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ
وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾(النحل:8)
قال: بالبصر المغذى
بنور البصيرة، فالبصر بلا بصيرة عمى، ولهذا قال تعالى يلوم من قصرت بصيرته عن
ملاحظة آيات الله:﴿ أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ
وَإِلَى السَّمَاءِ