قال: لقد قرن القرآن الكريم بين
المشي والصوت في موضع آخر من القرآن الكريم، فقال تعالى في وصف عباد
الرحمن:﴿
وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هو ناً وَإِذَا
خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً﴾ (الفرقان:63)
قلت: فما سر هذا الاقتران؟
قال: لأن الضجيج له مصدران:
الأصوات والحركات، فالأصوات يمثلها الكلام، والحركات يمثلها المشي.
قلت: صدقت ـ يا معلم ـ فهناك من
يمشي، فتندك الأرض من تحت قدميه، وهناك من يمشي خفيفا لينا لا تشعر به الأرض، ولا
يتأذى به من حوله.
قال: ولهذا وصف الله
تعالى مشية الصالحين بالهون[1]والقصد[2]، وقد سمع النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم جلبة خارج المسجد فقال:(ما شأنكم؟)، قالوا:(استعجلنا إلى
الصلاة)، فقال:(لا تفعلوا، إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلوا،
وما سبقكم فأتموا)[3]
قلت: وما يقاس على المشي في عصرنا؟
قال: أنتم أعلم بعصركم، فهو عصر الضجيج.
قلت: هي سياراتنا ومصانعنا وأسواقنا، ولا
بد لنا منها جميعا.
قال: ولكنكم تقتلون أنفسكم بذلك الضجيج
الذي تملأون به أجواءكم.
قلت: فماذا نفعل؟
قال: افصلوا مساكنكم التي تستريحون فيها
عن ضجيجكم.. أو ضعوا من القوانين
[1] أي بسكينة ووقار من غير تجبر ولا استكبار، كما قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم:إذا أتيتم الصلاة فلا
تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وعليكم السكينة فما أدركتم منها فصلوا وما فاتكم فأتموا
»
[2] وهو أن يمشي مقتصدأً مشياً ليس بالبطيء المتثبط، ولا
بالسريع المفرط بل عدلاً وسطاً بين بين.