قال: لنقترب من ذلك
الرجل، فهو المكلف بتحديد المواقيت.
قلت: ولم خص بذلك؟..
إن أي إنسان يمكنه أن يحمل ساعة لتدله على أي وقت يشاء: وقت مكة أم وقت القدس أم
وقت..
قال: لا.. هذا الرجل
لا يعرف هذه الساعات جميعا.
قلت: فمن أين له أن
يعرف الوقت؟
قال: لهذا الرجل
ساعة داخلية يعتمد عليها، ويستن الناس به في ذلك.
قلت: وكيف فضل هذا
من دون الخلق بهذه الساعة؟
قال: لا.. لم يفضل..
كلكم له مثل هذه الساعة[1]، ولكنكم بسلوككم المنحرف مع
[1] ينص العلماء على أن في الدماغ ما يسمى بالساعة البيولوجية
التي تجعلنا نستيقظ من النوم في ساعة محددة كل صباح، وتشعرنا بالنعاس في الوقت
ذاته من كل مساء إذا ما اعتدنا على ذلك.
ولا ينفرد الإنسان بوجود هذه الساعة بل هي موجودة عند الحيوانات أيضا،
فمن المعروف أن الصراصير والبوم والخفاش والجرذان تنشط ليلا وتهجع في النهار،
بينما الحيوانات الأخرى يكون نشاطها الأعظم أثناء النهار.
وقد تم نقل نحلات من منطقة باريس إلى نيويورك، فلوحظ أنها تنطلق للحقول
لجمع الرحيق في نيويورك عندما يحين موعد جمع الرحيق في باريس، وليس موعد الجمع في
نيويورك، إذ أن ساعتها البيولوجية ما زالت مبرمجة على توقيت باريس.
وعندما ينتقل أحدنا غربا إلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية، حيث يتأخر
الوقت نحو 12 ساعة، نلاحظ أنه ينشط عندما يحين منتصف الليل. فجسمنا مبرمج لأن نكون
نشيطين في الساعة 12 ظهرا حسب توقيت بلادنا، أي عندما ينتصف الليل في نصف الكرة
الآخر، والعكس صحيح. من أجل ذلك تضطرب حياة من يضطر بحكم عمله إلى الانتقال
باستمرار شرقا وغربا، كما هو الحال مع أطقم الطائرات، وكذلك حياة من يضطرون للقيام
بمناوبات ليلية ونهارية كالممرضات. وينطبق على ذلك من يحيلون ليلهم إلى نهار
ونهارهم إلى ليل. انظر: من أسرار عالم النوم، الدكتور حسان شمسي باشا، من موقعه
على الإنترنت.