قال: إنما مطية الآدمي قواه فإذا سعى في تقليلها ضعف عن العبادة..
قلت: ولكنهم كانوا يحرصون على الحلال المحض.. ألم تسمع ما ورد في
النصوص من فضل الحلال المحض؟
قال: صحيح ذلك.. ولكن لا تقولن: الحصول على الحلال المحض مستحيل،
لذلك وجب الزهد تجنباً للشبهات، فإن المؤمن حسبه أن يتحرى في كسبه هو الحلال، ولا
عليه من الأصول التي نبتت من هذه الأموال.
أفتريد حلالاً على معنى أن الحبة من الذهب لم تنتقل - مذ خرجت من
المعدن على وجه لا يجوز.. فهذا شيء لم ينظر فيه رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم.
قلت: ولكنهم نظروا في ذلك.. وبسببه شددوا على أنفسهم.
قال: فهو المرجع أم هم !؟.. وهل هم أكثر ورعا منه.. أو ليس قد سمعت
أن الصدقة عليه حرام، فلما تصدق على بريرة بلحم فأهدته جاز له أكل تلك العين لتغير
الوصف.
صاح صائح: ولكن يا إمام، ألم تقرأ النصوص التي وردت في الجوع؟
قال: لا يهولنك ما تسمعه من الأحاديث التي تحث على الجوع، فإن المراد
بها، إما الحث على الصوم، وإما النهي عن مقاومة الشبع.. فأما تنقيص المطعم على
الدوام فمؤثر في القوى فلا يجوز.
واسمع مني بلا محاباة: لا تحتجن علي بأسماء الرجال، فتقول: قال
بشر وقال إبراهيم بن أدهم فإن من احتج بالرسول a أقوى .. لأن لأفعال أولئك وجوهاً نحملها
عليهم بحسن الظن.