قلت له: ما هذا؟..
أتظن أني يمكن أن أخبئ سلاحا في فمي؟
لم ينتبه لما أقول..
بل راح ينظر إلى فمي مستعملا الإنارة والمكبرات التي يستعملها الأطباء.
قال لي: انصرف.. لا
بد أن تغسل فمك أو لا، وتأتي.
اضطررت أن أنفذ ما
يقولون مع أني لم أكن لأغفل عن تنظيفه، ثم عاودت الدخول: فراح ينظر في أنفي..
وهكذا ظللت أكثر يومي مع هؤلاء الحرس المتشددين، أما معلم السلام، فلم يتدخل، بل
تركهم يعملون ما شاءوا، ويدققون في تفتيشهم ما يحلو لهم.
بعد انتهاء التفتيش
دخلت مع المعلم إلى هذا القسم، لم أتجاسر أن أسأله عن تلك الشدة التي لاقاني بها
الحرس، فقد خشيت أن يسمعني أحدهم، فلهم من الأجهزة المتطورة ما أقنعني بأنني تحت
حراسة مشددة.
قال لي المعلم: لابد
أن تصبر على حرس هذا الحصن.
قلت: لماذا وضعوا
فيه هؤلاء الحرس الأشداء؟
قال: لا.. ليسوا
أشداء.. بل هم أنصح لك من أبيك وأمك.
قلت: ولكنهم قساة.
قال: هي قسوة مملوءة
برحمة، وشدة مكتنفة بلطف.
قلت: أتقصد ما قال
الشاعر:
قسا ليزدجروا ومن يك راحما فليقسوأحيانا على من يرحم
قال: هو ذاك..
قلت: فلا خير في
رحمة تضرني.. ومرحبا بقسوة تنفعني.
التفت إليهم مبتسما،
وأنا أقول: جزاكم الله خيرا.. لقد أسأت فهمكم.