اسم الکتاب : مجزرة بني قريظة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 97
فلان عن فلان.
وترد علي؟ ثم رفع نعله فضربني بها، وتتابع القوم علي ضربا معه. فوالله ما أقلعوا
عني حتى حلفت لهم أن الله تعالى خلق ثلاثين صورا، له في كل صور نفخة. فأقلعوا عني.
فرحلت حتى دخلت دمشق ودخلت على عبد الملك. فسلمت عليه، فقال لي: يا شعبي بالله
حدثني بأعجب شيء رأيته في سفرك؛ فحدثته حديث التدمريين. فضحك حتى ضرب برجليه)[1]
والملاحظة هنا
هي ضحك عبد الملك بن مروان، وإعجابه بالحديث، وعدم قيامه بمعاقبة القاص الذي كذب
على رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وهو دليل على مدى التشجيع والتساهل الذي
يلقاه القصاصون من السياسيين، في نفس الوقت الذي نجد السياسيين فيه يقتلون
المعارضين بحجج مخالفتهم للعقيدة والدين، مثلما فعل خالد بن عبد الله القسري الذي
كان واليا علي العراق لهشام بن عبدالملك، والذي قام بذبح الجعد بن درهم بعد أن خرج
به إلى مصلى العيد، ثم خطب الناس وقال: (أيها الناس! ضحوا، تقبل الله ضحاياكم،
فإني مضح بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسي
تكليما)، ثم نزل وذبحه[2].
ولم يكن ذبحه له
بسبب موقفه العقدي، ولكن بسبب عدم لجوئه إلى القص والرواية مثلما يفعل القصاصون،
وإنما لجأ إلى التفكير والبحث والتأمل، وهو ما لا ترغب فيه الفئة الباغية، وإلا
فإن الروايات التي كان ينشرها القصاصون والممتلئة بالتجسيم والتشبيه أخطر بكثير
مما ذكره الجعد بن درهم.
[1] القصاص والمذكرين، جمال الدين أبو
الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)، المحقق: د. محمد لطفي
الصباغ، المكتب الإسلامي – بيروت، الطبعة: الثانية،
1409 هـ - 1988م، (ص: 302)
[2] خلق أفعال العباد، محمد بن
إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبو عبد الله (المتوفى: 256هـ)، المحقق:
د. عبد الرحمن عميرة، دار المعارف السعودية – الرياض، ص
69.
اسم الکتاب : مجزرة بني قريظة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 97