اسم الکتاب : مجزرة بني قريظة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 91
19]، وهو تصريح
من الله تعالى بأن الذي يخرج الأمة من مأزق البغي والضلال الذي يمكن أن تقع فيه هو
اتباع البينات التي جاء بها الكتاب، والقيم الرفيعة التي دل عليها، بعيدا عن
الأهواء.
وهذا الذي ذكره
عن الأمم السابقة أخبر عن وقوعه في هذه الأمة، حتى لا تتكل على خيريتها، وتتصور
أنها شعب الله المختار الذي يترفع عن الابتلاء والاختبار؛ فالاختبار سنة إلهية،
قال تعالى: ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ
الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا
رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾
[التوبة: 16]
ولهذا، فإن
القرآن الكريم يحذر من حصول التمرد على قيم الدين بعد وفاة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، في آيات كثيرة منها قوله تعالى: ﴿ وَمَا
مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ
أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى
عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾
[آل عمران: 144]
وهكذا أخبر رسول
الله a على وقوع التحريف في الدين، واستبدال قيم
السلام والسماحة والأخلاق النبيلة فيه إلى القيم المنافية لها، والتي تحولت
الأديان بسببها إلى أدوات للصراع والظلم والاستبداد، ففي الحديث قال a: (ما
كان نبي إلا كان له حواريون يهدون بهديه، ويستنون بسنته، ثم يكون من بعده خلوف
يقولون ما لا يفعلون، ويعملون ما تنكرون)[1]
وأخبر a عن الدور الذي يقوم به
الساسة في التحريف، ذلك أنه لا يمكن للمستبدين الظلمة أن يمكنوا لأنفسهم في ظلال
القيم الدينية الأصيلة؛ فلذلك يقومون بثورة مضادة على قيم الدين، لتتحول الرعية
إلى سدنة للحاكم، ومطيعة لأمره ونهيه ولو على حساب قيم الدين الأصيل، قال a: (خذوا العطاء ما دام
[1] رواه مسلم (1: 70) في كتاب
الإيمان، ومسند أحمد (1: 458، 461)
اسم الکتاب : مجزرة بني قريظة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 91