اسم الکتاب : مجزرة بني قريظة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 21
بنظيراتها من
الروايات المرتبطة بالعقائد والأحكام الفقهية، وغيرها مما صنف فيه المحدثون.
ومن تلك المظاهر
ما تميز به المحدثون من أدوات التحقيق التي لم يستعملها نظراؤهم من علماء التاريخ
والسير، ومنها عدم اكتفائهم بالرواية الواحدة، وإنما يجمعون الطرق المختلفة،
ويقارنون بينها، ليميزوا الصحيح من الدخيل، ومن الأمثلة على ذلك قول مسلم صاحب
الصحيح: (فبجميع هذه الروايات ومقابلة بعضها ببعض يتميز صحيحها من سقيمها، ويتبين
رواة ضعاف الأخبار من أضدادهم من الحفاظ)[1]
وهذا ما ذكره
جميع المحدثين ـ على خلاف الإخباريين الذين يجمعون كل شيء، ولو حصل التناقض بينه
والاضطراب من دون تمحيص ولا تحقيق ـ يقول عبدالله بن المبارك: (إذا أردت أن يصح لك
الحديث فاضرب بعضه ببعض)[2]، ويقول يحيى بن معين: (إذا كتبت فقمش، وإذا
حدثت ففتش)[3]
ومن الأمثلة على
تلك المقارنات التي يجرونها بين الروايات (المقارنة بين روايات عدد من الصحابة،
والمقارنة بين روايات المحدث الواحد في أزمنة مختلفة، والمقارنة بين مرويات عدد من
التلاميذ لشيخ واحد، وبين رواية المحدث ورواية أقرانه، والمقارنة بين الكتاب
والمذاكرة، وبين الكتاب والكتاب)[4]
ولو أننا طبقنا
هذه الأداة وحدها على ما ورد في الروايات المؤرخة لمجزرة بني قريظة لرميناها عرض
الجدار، ذلك أن المسافات بينها هائلة جدا؛ فقد اختلف الرواة في عدد قتلى
[1]
كتاب التمييز، مسلم بن حجاج النيسابوري (ت:256هـ)، تحقيق محمد مصطفى الأعظمي،
مطبوعات جامعة الرياض، الطبعة الأولى، 1395هـ، 162.