اسم الکتاب : مجزرة بني قريظة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 159
جميع الناس، قال
تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ
شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ
إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا
الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ
بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾ [النساء:135]، وقد قال ابن كثير في تفسيرها: (يأمر
تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط، أي بالعدل، فلا يعدلوا عنه يمينا
ولا شمالا ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ولا يصرفهم عنه صارف، وأن يكونوا
متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه)[1]
ولهذا يخاطب
الله تعالى رسوله a بأن يؤدي دوره الرسالي باعتباره معصوما،
ومؤيدا بالوحي الإلهي، ولذلك لا يتحقق العدل الكامل إلا على يديه، قال تعالى: ﴿فَلِذلِكَ
فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ
بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ
رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا
وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾
[الشورى:15]، وهذه الآية من أكبر الردود على عزل رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم عن التحكيم في بني قريظة، وكيف يعزل وهو العدل نفسه،
وهل يمكن أن يترك الحكم لأحد في وجود الخليفة المعصوم، كما قال تعالى عن داود A: ﴿يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً
فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى
فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ
اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ [ص: 26]
وقد قال الطبري
في تفسير الآية السابقة: (وقل لهم يا محمد: وأمرني ربي أن أعدل بينكم معشر
الأحزاب، فأسير فيكم جميعا بالحق الذي أمرني به وبعثني بالدعاء إليه.. وعن قتادة،
قوله: ﴿وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُمُ﴾ قال: أمر نبي الله a أن يعدل، فعدل حتى مات a والعدل ميزان الله في الأرض، به يأخذ للمظلوم من
الظالم، وللضعيف من الشديد، وبالعدل