اسم الکتاب : مجزرة بني قريظة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 129
وجوده فقط في الكتاب المقدس، ويروون في
ذلك أنه a قال له: (حَكمتَ فِيهم بِحُكْمِ اللهِ)، وفى رواية: (من فوق سبعة أرقعة)[1]، أي من فوق سبع سموات.
ولو طبقنا مقاييس الفقهاء على هذا النص،
لصار حكم سعدا حكما شرعيا يطبق في جميع الحالات المشابهة، مع أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم لم
يطبقه ـ كما يذكرون ـ إلا مع بني قريظة.
بل إن الآيات الكريمة النازلة في حكم
الأسرى تخير الحاكم بين أمرين فقط: المن أو الفداء، كما قال تعالى: ﴿
فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا
أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً
حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ﴾ [محمد: 4]، وكلاهما مورس في
الغزوات مع رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، ولم يمارس القتل أبدا، مع كون المجرمين الذين
كانوا أسرى أعظم جريمة من بني قريظة، كما سنرى عند حديثنا عن الرحمة، وأخلاق النبي
a في الحرب.
ومن المعلوم أن
هذه الآية الكريمة نزلت قبل حادثة بني قريظة، ولا يمكن أن يقول أحد بنسخها، أو بأن
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم لم يطبق حكمها، لأن سعد بن معاذ رأى أنه لا
ضرورة لتطبيقه.
ولا يمكن لأحد
أن يزعم بأن أكثر رجال بني قريظة الذين أنزلوا من حصونهم، وتمكن منهم المؤمنون
ليسوا أسرى، كيف ذلك والله تعالى في الآية الكريمة الخاصة ببني قريظة ذكر الأسر،
والأسر في اللغة لا ينطبق إلا على المقاتلين، قال تعالى: ﴿فَرِيقًا
تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا﴾ [الأحزاب: 26]، وبذلك فإن أولئك
الأسرى، وبحسب النص القرآني لا يطبق عليهم