ثالثا: أما قول المخالفين :(من الحق الغناء أم
من غير الحق، ولا سبيل إلى قسم ثالث) مما ذكرنا سابقا من أدلة القول الأول، فقد
أجاب عليه ابن حزم بقوله :(أن رسول الله a قال :(إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى)[2]فمن نوى باستماع الغناء عونا على
معصية الله تعالى فهو فاسق، وكذلك كل شيء غير الغناء، ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى
بذلك على طاعة الله تعالى ينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن، وفعله هذا من
الحق، ومن لم ينو طاعة ولا معصية، فهو لغو معفو عنه كخروج الإنسان إلى بستانه
متنزها، وقعوده على باب داره متفرجا وصباغه ثوبه لازورديا أو أخضر أو غير ذلك، ومد
ساقه وقبضها وسائر أفعاله،فبطل كل ما شغبوا به بطلانا متيقنا - ولله - تعالى -
الحمد، وما نعلم لهم شبهة غير ما ذكرنا)[3]
الدليل الثاني: أن هناك الكثير من الأدلة النقلية
والعقلية الدالة على الإباحة، يمكن تلخيصها في دليلين هما:
أولا ـ القياس:ولعل أحسن قياس لإباحة الغناء، هو ما نص
عليه الغزالي بتفصيل في إحياء علوم الدين في كتاب خصصه لذلك هو [كتاب آداب السماع] [4]، وهو قياس يستند إلى تحليل معنى
الغناء، ثم الحديث عن حكم كل ركن أو خاصية في الغناء وإثبات إباحتها، قال الغزالي
:(إن الغناء اجتمعت فيه معان ينبغي أن يبحث عن أفرادها ثم عن مجموعها، فإنّ فيه
سماع صوت طيب موزون مفهوم المعنى محرك للقلب، فالوصف