اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 63
انطلقا بنا إلى المنزل، واشترى طعاما بما كان معه، ثم طحنه
وعجنه في نقير له ثم أجّج ناراً وأوقدها، ثم جعل العجين في تلك النار وجلس معهما
يتحدث.. ثم قام وقد نضجت خبيزته، فوضعها في النقير وفلقها وذرّ عليها ملحا، ووضع
إلى جنبه مطهرة ماء، وجلس على ركبتيه وأخذ لقمةً فلما رفعها إلى فيه قال: بسم
الله، فلما ازدردها قال: الحمد لله، ثم فعل ذلك بأخرى وأخرى، ثم أخذ الماء فشرب
منه فذكر اسم الله فلما وضعه قال: الحمد لله، يا رب من ذا الذي أنعمت عليه وأوليته
مثل ما أوليتني؟.. قد صححت بصري وسمعي وبدني وقوّيتني حتى ذهبت إلى شجر لم أغرسه
ولم أهتمّ لحفظه جعلته لي رزقا، وسقت إليّ مَن اشتراه مني فاشتريتُ بثمنه طعاما لم
أزرعه، وسخّرت لي النار فأنضجته، وجعلتني آكله بشهوة أقوى به على طاعتك فلك الحمد،
ثم بكى، قال داود: يا بني.. قم فانصرف بنا فإني لم أر عبدا قط أشكر لله من هذا)[1]
[الحديث: 123]
قال الإمام الرضا: (إنّ يونس عليه السلام لما أمره الله بما أمره، فأعَلَم قومه
فأظلّهم العذاب ففرّقوا بينهم وبين أولادهم، وبين البهائم وأولادها، ثم عجّوا إلى
الله وضجّوا، فكفّ الله العذاب عنهم، فذهب يونس عليه السلام مغاضبا فالتقمه الحوت،
ثم لفظه وقد ذهب جلده وشعره، فأنبت الله عليه شجرةً من يقطين فأظلته، فلما قوي
أخذت في اليبس، فقال: يا ربّ.. شجرة أظلّتني يبست، فأوحى الله إليه: يا يونس..
تجزع لشجرة أظلّتك، ولا تجزع لمائة ألف أو يزيدون من العذاب؟!)[2]