اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 58
وأنجاه منها، أخبرك أيها العزيز إنّا أهل
بيت قديم لم يزل البلاء إلينا سريعا من اللّه ليبلونا بذلك عند السرّاء والضرّاء،
وإنّ مصائب تتابعت عليّ منذ عشرين سنة، أوّلها أنّه كان لي ابن سمّيته يوسف، وكان
سروري من بين ولدي، وقرّة عيني، وثمرة فؤادي، وإنّ اخوته من غير أمه سألوني أن
أبعثه معهم يرتع ويلعب فبعثته معهم بكرة، وأنهم جاؤوني عشاء يبكون وجاؤوني على
قميصه بدم كذب فزعموا أنّ الذئب أكله، فاشتدّ لفقده حزني، وكثر على فراقه بكائي
حتّى ابيضّت عيناي من الحزن.. وإنّه كان له أخ وكنت به معجبا وعليه رفيقا، وكان لي
أنيسا، وكنت إذا ذكرت يوسف ضممته إلى صدري فيسكن بعض ما أجد في صدري، وإنّ اخوته
ذكروا لي أنّك أيّها العزيز سألتهم عنه وأمرتهم أن يأتوك به وإن لم يأتوك به
منعتهم الميرة لنا من القمح من مصر فبعثته معهم ليتماروا لنا قمحا فرجعوا إليّ
فليس هو معهم، وذكروا أنّه سرق مكيال الملك، ونحن أهل بيت لا نسرق، وقد حبسته وفجعتني
به، وقد اشتد لفراقه حزني حتّى تقوّس لذلك ظهري وعظمت به مصيبتي مع مصائب متتابعات
عليّ، فمنّ عليّ بتخلية سبيله وإطلاقه من محبسه وطيب لنا القمح، واسمح لنا في
السعر، وعجل بسراح آل يعقوب.
فلما مضى ولد يعقوب من عنده نحو مصر
بكتابه نزل جبريل على يعقوب فقال: يا يعقوب إن ربك يقول لك: من ابتلاك بمصائبك
التي كتبت بها إلى عزيز مصر؟.. قال يعقوب: أنت بلوتني بها عقوبة منك وأدبا لي.. قال
اللّه: فهل كان يقدر على صرفها عنك أحد غيري؟.. قال يعقوب: اللهم لا.. قال: أفما
استحييت مني حين شكوت مصائبك إلى غيري ولم تستغث بي وتشكو ما بك إلي؟!.. فقال
يعقوب: أستغفرك يا إلهي وأتوب إليك وأشكو بثي وحزني إليك.. فقال اللّه تبارك
وتعالى: قد بلغت بك يا يعقوب وبولدك الخاطئين الغاية في أدبي، ولو كنت يا يعقوب
شكوت مصائبك إلي عند نزولها بك
اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 58