والتي يوهمون أنها تخرجه عما تقتضيه
الأخلاق من آداب وضوابط، ومن أمثلتها الروايات التي تصور قتله للقبطي، مع أن
القرآن الكريم لم يذكر هذا ليجرمه، وإنما ذكره ليبين قوة موسى عليه السلام في نصرة
الحق.. وليس في النص المقدس ما يدل على معاتبة الله أو توبيخه.. وما حصل من موسى عليه
السلام من استغفار شيء طبيعي بالنسبة لأرواح الأنبياء الشفافة شديدة الحساسية التي
تستغفر في كل حين، ولكل شيء، حتى لو لم يكن معصية.
ولهذا نرى شيخ الأنبياء نوحاً عليه السلام
يقول:﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ
مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا
تَبَاراً﴾ (نوح:28)
ويقتفيه إبراهيم عليه السلام
ويقول:﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ
يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ (ابراهيم:41)
وعلى أثرهم يقول النبي a:﴿
سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾
(البقرة:285)
والمنشأ الوحيد لهذا الطلب مرّة بعد أُخرى
هو وقوفهم على أنّ ما قاموا به من الأَعمال والطاعات وإن كانت في حد ذاتها بالغة
حدّ الكمال لكن المطلوب والمترقّب منهم أكمل وأفضل منه.
[1] رواه
البخاري 8 / 15 ومسلم رقم (2444) أحمد (6/274)
اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 175