اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 168
ثم فسر قوله تعالى: ﴿فَظَنَّ أَنْ
لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ [الأنبياء: 87]، فقال: (معناه أن لا نضيق عليه
المسلك ونشدد عليه المحنة والتكليف، لأن ذلك مما يجوز أن يظنه النبي، ولا شبهة في
أن قول القائل قدرت وقدرت بالتخفيف والتشديد معناه التضييق، قال الله تعالى:
﴿ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ﴾
[الطلاق: 7]، وقال تعالى: ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ
وَيَقْدِرُ﴾ [الرعد: 26] أي يوسع ويضيق، وقال تعالى: ﴿وَأَمَّا
إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ﴾ [الفجر: 16] أي ضيق،
والتضييق الذي قدره الله عليه هو ما لحقه من الحصول في بطن الحوت وما ناله في ذلك
من المشقة الشديدة إلى أن نجاه الله تعالى منها)[1]
ومثل ذلك فسر قوله تعالى: ﴿فَنَادَى
فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ
الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: 87] فهو على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى
والخشوع له والخضوع بين يديه، لأنه لما دعاه لكشف ما امتحنه به وسأله أن ينجيه من
الظلمات التي هي ظلمة البحر وظلمة بطن الحوت وظلمة الليل، فعل ما يفعله الخاضع
الخاشع من الانقطاع والاعتراف بالتقصير، وليس لأحد أن يقول كيف يعترف بأنه كان من
الظالمين ولم يقع منه ظلم، وهل هذا إلا الكذب بعينه؟ وليس يجوز أن يكذب النبي عليه
السلام في حال خضوع ولا غيره، وذلك أنه يمكن أن يريد بقوله إني كنت من الظالمين،
أي من الجنس الذي يقع منهم الظلم، فيكون صدقا، وإن ورد على سبيل الخضوع والخشوع
لأن جنس البشر لا يمتنع منه وقوع الظلم)[2]
ثم أورد الشبهة التي يتعلق بها المخطئة،
فقال: (فإن قيل: فأي فائدة في أن يضيف