اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 153
ثُمَّ أَنَابَ﴾ [ص: 34]، ومنها ما رووه عن وهب بن منبه قال: (سمع سليمان بمدينة في جزيرة من
جزائر البحر، يقال لها صيدون، بها ملك عظيم السلطان لم يكن للناس اليه سبيل،
لمكانه في البحر، وكان الله قد آتى سليمان في ملكه سلطانا لا يمتنع منه شيء في بر
ولا بحر، إنما يركب إليه إذا ركب على الريح، فخرج إلى تلك المدينة تحمله الريح على
ظهر الماء، حتى نزل بها بجنوده من الجن والإنس، فقتل ملكها واستفاء ما فيها، وأصاب
فيما أصاب ابنة لذلك الملك لم ير مثلها حسنا وجمالا، فاصطفاها لنفسه، ودعاها إلى
الإسلام فأسلمت على جفاء منها وقلة ثقة، وأحبها حبا لم يحبه شيئا من نسائه، ووقعت
نفسه عليها، فكانت على منزلتها عنده لا يذهب حزنها، ولا يرقأ دمعها، فقال لها، لما
رأى ما بها وهو يشق عليه من ذلك ما يرى: ويحك، ما هذا الحزن الذي لا يذهب، والدمع
الذي لا يرقأ! قالت: إن أبي أذكره وأذكر ملكه وما كان فيه وما أصابه، فيحزنني ذلك،
قال: فقد ابد لك الله به ملكا هو أعظم من ملكه، وسلطانا هو أعظم من سلطانه، وهداك
للإسلام وهو خير من ذلك كله، قالت: إن ذلك لكذلك، ولكني إذا ذكرته أصابني ما قد
ترى من الحزن، فلو أنك أمرت الشياطين، فصوروا صورة أبي في داري التي أنا فيها،
أراها بكرة وعشيا لرجوت أن يذهب ذلك حزني، وأن يسلي عني بعض ما أجد في نفسي، فأمر
سليمان الشياطين، فقال: مثلوا لها صوره أبيها في دارها حتى ما تنكر منه شيئا،
فمثلوه لها حتى نظرت إلى أبيها في نفسه، إلا أنه لا روح فيه، فعمدت إليه حين صنعوه
لها فأزرته وقمصته وعممته وردته بمثل ثيابه التي كان يلبس، مثل ما كان يكون فيه من
هيئة، ثم كانت إذا خرج سليمان من دارها تغدو عليه في ولائدها حتى تسجد له ويسجدن
له، كما كانت تصنع به في ملكه، وتروح كل عشية بمثل ذلك، لا يعلم سليمان بشيء من
ذلك أربعين صباحا..)
هذا هو الجزء الأول من
القصة، وهو يظهر سليمان عليه السلام بصورة المتسلط الظالم الجبار،
اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 153