فمع أن الآيات الواضحة في دلالتها من خلال
ظاهر ألفاظها، وهي تنسجم تماما مع تلك الشفافية الروحية التي وصفه الله بها.. خاصة
وأن الله تعالى قدم لذلك بقوله: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا داود ذَا الْأَيْدِ
إِنَّهُ أَوَّابٌ (17)إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ
بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18)وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ
(19)﴾ [ص: 17 - 19]
وهي آيات كريمة تشير إلى تلك الشفافية،
وتشير معها إلى ذلك التحليق الروحي الجميل الذي تجاوبت له الكائنات من حوله، والذي
لم يمنعه من أداء وظيفته المرتبطة بالرعية والخلافة عليها، ولذلك بمجرد أن تسور
الرجلان عليه المحراب، وأخبره أولهما بالظلم الذي لحق به، سارع فانتصر له، مثلما
فعل قبل ذلك أخوه موسى عليه السلام حين سارع لنصرة المستضعف.. وهنا عاتبه الله
لأنه لم يستمع للثاني من الخصمين..
ولكونه أوابا وصاحب روحانية عالية، فقد
تأثر لذلك العتاب تأثرا شديدا، وهوى
اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 149