اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 138
الإشكال الخطير، فقال: (فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يوصف يوسف بمثل هذا، وهو لله نبيّ؟)[1]
ثم أجاب عليه بقوله: (قيل: إن أهل العلم
اختلفوا في ذلك، فقال بعضهم: كان من ابتلي من الأنبياء بخطيئة، فإنما ابتلاه الله
بها، ليكون من الله عز وجلّ على وَجَلٍ إذا ذكرها، فيجد في طاعته إشفاقًا منها،
ولا يتّكل على سعة عفو الله ورحمته.. وقال آخرون: بل ابتلاهم الله بذلك، ليعرّفهم
موضع نعمته عليهم، بصفحه عنهم، وتركه عقوبتَه عليه في الآخرة.. وقال آخرون: بل
ابتلاهم بذلك ليجعلهم أئمة لأهل الذنوب في رَجاء رحمة الله، وترك الإياس من عفوه
عنهم إذا تابوا)[2]
وكعادة الكثير من المحدثين في الجمع بين طرحهم لآرائهم، ووصفها بالسنية، ثم ذكر المخالفين لهم بغية التحذير
منها، ورميها بالبدعة، فقد قال الطبري بعدما ذكر إجابات أهل العلم من السلفية عن
سر تصرفات يوسف عليه السلام: (وأما آخرون ممن خالف أقوال السلف وتأوَّلوا القرآن
بآرائهم، فإنهم قالوا في ذلك أقوالا مختلفة. فقال بعضهم: معناه: ولقد همت المرأة
بيوسف، وهمَّ بها يوسف أن يضربها أو ينالها بمكروه لهمِّها به مما أرادته من
المكروه، لولا أنّ يوسف رأى برهان ربه، وكفَّه ذلك عما همّ به من أذاها لا أنها
ارتدعت من قِبَل نفسها. قالوا: والشاهد على صحة ذلك قوله: ﴿كَذَلِكَ
لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ﴾ [يوسف: 24]،قالوا: فالسوء هُو
ما كان همَّ به من أذاها، وهو غير الفحشاء.. وقال آخرون منهم: معنى الكلام: ولقد
همت به، فتناهى الخبرُ عنها. ثم ابتدئ الخبر عن